من فعل الظلم ، أو العدل : يسمى ظالما ، أو عادلا ؛ لكونه فاعلا للظلم ، أو العدل. فمن ادعى ذلك يحتاج إلى الدليل.
فإن قيل : الدليل على ذلك من وجهين :
الأول : هو أن قول القائل ضرب كلمة موضوعة فى اللغة لصدور الفعل / من فاعل فى زمن معين ، ولا فرق فى اللغة بين أن يقول القائل : ضرب زيد عمروا وبين قوله : فعل زيد بعمرو ضربا ؛ فكذلك إذا قال : ظلم زيد عمروا معناه : فعل فى عمرو ظلما.
الثانى : أن من فعل الظلم فى الشاهد ؛ يسمى ظالما بالاتفاق ، واسم الظالم مشتق من الظلم.
وعند ذلك فمستند تسميته ظالما : إما قيام بحال (١) به أوجبها الظلم (١) ، أو قيام الظلم به ، وحلوله فيه ، أو لأنه فعل الظلم.
لا جائز أن يقال بالأول ؛ لما سبق.
ولا جائز أن يقال بالثانى ؛ لوجهين :
الأول : أنه يلزم منه أن يكون ما قام به الظلم من أجزاء جملة الإنسان مسمى باسم الظالم ؛ وهو محال ؛ فإن بعض أجزاء الإنسان لا يقال له ظالم.
الثانى : هو أن الظلم قد يقوم بالمظلوم : كالألم القائم بالجرح ، وقد يقوم بالآلة التى يستعملها الظالم : كحركات السيف فى (مضاربه (٢)) ولا يسمى المظلوم ، والسيف الّذي قام به الظلم ظالما ؛ فلم يبق إلا القسم الثالث ؛ وهو المطلوب.
والجواب عن الشبهة الأولى : أنه وإن تحقق ما ذكروه بالنسبة إلى بعض الأفعال. فلم قالوا بلزوم طرد ذلك فى كل الأفعال : ولو لزم ذلك ؛ للزم أن يسمى الإله ـ تعالى ـ مفسدا ، وأن يقال له أفسد عندنا : إذا خلق الفساد ، وفعله فى الزروع ، والثمار ، والمواشى ، وغير ذلك من الموجودات ؛ وهو محال.
__________________
(١) فى ب (حال به أوجبها الظلم به).
(٢) فى أ (مجاريه).