وهذه الحجج واهية :
أما الأولى : فمن وجهين :
الأول : منع كون القدرة باقية فى حالة اليقظة على ما سبق.
الثانى : وإن كانت باقية : فلم قلتم بوجودها (١) فى حالة النوم. والقول بأن النوم غير مناف للقدرة : عين محل النزاع.
وأما الثانية : فمن وجهين أيضا :
الأول : لا نسلم أن النائم إذا انتبه ؛ فهو قادر قطعا ؛ بل لعله انتبه (نائما) (٢).
الثانى : وإن سلم أنه إذا انتبه ؛ فهو قادر ؛ ولكن ما المانع أن يكون الانتباه شرطا ، أو أن النوم مانع؟
وقولهم : إن النوم غير مضاد للقدرة : عين محل النزاع أيضا.
وأما الثالثة : فحاصلها يرجع إلى دعوى محل النزاع فى قولهم : إن النوم غير مناف للقدرة.
وبالجملة : فمن رام الدلالة على كون أفعال النائم مقدورة له ، أو غير مقدورة على وجه القطع ؛ فقد كلف نفسه شططا.
/ وأقرب ما فى ذلك : إنما هو دعوى الضرورة بالعلم بكونها مقدورة له من حيث أنا نفرق بين ارتعاد يده فى نومه ، وبين تقلبه ، وقبض يده وبسطها ، حسب ما تفرق بينهما فى حق المستيقظ من غير فرق.
ومن رام التسوية : بين رعدة يده حالة نومه ، وبين تقلبه فى كونها ضرورية ؛ لم يبعد تطرق التشكيك عنده فى التسوية بينهما فى حق المستيقظ ؛ وهو بعيد عن المعقول ؛ لكن هذا وإن كان فى غاية الوضوح ؛ فى النفس من مذهب القاضى أبى بكر حزازة ؛ من حيث أنه لا يبعد أن يكون ذلك الفعل ضروريا غير مكتسب له ، وحيث فرقنا بالضرورة فى
__________________
(١) فى ب (بوجوبها).
(٢) فى أ (ناوما).