حق المستيقظ بين رعدة يده ، وقيامه وقعوده ، حتى (١) قطعنا بكون الرعدة ضرورة (١) ، والقيام ، والقعود مقدورا مكتسبا ، كان مع الاستيقاظ ، ولعله شرط فيه ، أو أن النوم مانع منه ؛ فلا يكون الجمع مقطوعا به.
فإن قيل : إذا (٢) قد قلتم (٢) بأن النوم مضاد للعلم ، وسائر الإدراكات ، فما وجه الجمع بينه وبين ما يراه النائم فى منامه ، ويدركه بالسمع ، والبصر ، وغيره من أنواع الإدراك.
قلنا : أما المعتزلة : فقد أجمعوا على أن ذلك ليس من الإدراكات فى شيء ؛ بل خيالات ، وظنون بناء على أصولهم من اشتراط انبثاث الأشعة من العين ، وتوسط الهواء المشف ، والبنية المخصوصة ، وانتفاء الحجب ، والقرب المفرط ، والبعد المفرط ، إلى غير ذلك من شروط الإدراكات المستقصاة فى الإدراكات ، وعدم تحققها فى حق النائم.
ووافقهم على ذلك جماعة من أصحابنا : وإن كانوا مجوزين للإدراكات من غير شرط وبنية ، على ما سبق ، لكن اما بناء على أن النوم ضد لها ، أو لأنها على خلاف العادة.
وذهب الأستاذ أبو إسحاق : إلى أنها إدراكات حقيقية. فإن الإنسان يجد من نفسه إبصار المبصرات [وسماع (٣) المسموعات (٣)] فى حالة نومه حسب ما يراه فى حالة يقظته ، ولو ساغ التشكك فى ذلك حالة النوم ، لساغ التشكك فيه حالة اليقظة ؛ لكنه لم يخالف فى كون النوم ضدا للإدراك ، غير أنه زعم أن الإدراك لا بد وأن يقوم بجزء غير ما قام به النوم ؛ وكل واحد من المذهبين محتمل غير يقينى.
__________________
(١) فى ب (حتى يكون قطعنا بكون الرعدة ضرورية).
(٢) فى ب (إذا قلتم).
(٣) فى أ (والسماع بالمسموعات).