وعلى هذا : فلا يمتنع أن يخلق الله ـ تعالى ـ فى قلوب الكفار سمة تتميز بها عن قلوب الأبرار ـ على ما قاله الجبائى ، وابنه [أبو هاشم] (١) ـ ويبين ذلك للملائكة ؛ لفائدة ذم من رأوه متسما بسمة الكفر ، حتى ينزجر الكافر عن كفره ؛ فإنه إذا علم أنه إذا كفر وسم بسمة يتحقق بها ذمه ، ولعنه من الملائكة المقربين / كان ذلك سببا لزجره ؛ وذلك من أقوى مصالح الدين.
سلمنا امتناع حمله على هذا المحمل ؛ ولكن ما المانع من الحمل على وصف الرب ـ تعالى ـ للكفرة بكفرهم ، وتسميتهم (٢) بما اتصفوا به من الكفر ، على ما ذهب إليه أوائل المعتزلة؟ ولهذا فإنه يصح أن يقول القائل : ختمت على فلان بالكفر ، والضلال ؛ إذا كان آيسا من هداه.
سلمنا امتناع الحمل على هذا المحمل أيضا ؛ ولكن ما المانع من حمل الختم والطبع ، على قطع اللطف عن الكفار؟ ، وهو ما علم (٣) الله ـ تعالى ـ أن العبد يؤمن عنده ، ولا يكفر. على ما قاله الكعبى من المعتزلة ؛ وذلك لأن قطع اللطف مانع من الإيمان. فأمكن إطلاق اسم الختم ، والطبع عليه ، كما قررتموه فى خلق الضلال.
سلمنا امتناع حمله على هذا أيضا ؛ ولكن ما المانع من حمل الطبع والختم ، على ما يخلقه الله (٤) ـ تعالى (٤) ـ من منع الإيمان؟ على ما ذهب إليه بشر بن يزيد ، وعبد الواحد (٥) ، وبكر بن أخت عبد الواحد.
غير أن عبد الواحد ، وبشرا : زعما أنه لا يبقى العبد مع الختم ، والطبع ، مأمورا بالإيمان ؛ ولا منهيا عن الكفر ، حتى لا يفضى إلى التكليف بما لا يطاق ؛ ولأنه إذا كان الإيمان مأمورا به ؛ فالمنع منه يكون قبيحا ، بخلاف بكر بن أخت عبد الواحد.
سلمنا (٦) امتناع الحمل على هذا أيضا ؛ ولكن ما المانع من الحمل على منع الإخلاص ، دون الإيمان؟ كما ذهب إليه بعض أصحاب عبد الواحد (٦) ؛ فإنه زعم أن
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) فى ب : (وهو تسميتهم).
(٣) فى ب (علم).
(٤) فى ب (إليه).
(٥) عبد الواحد : هو عبد الواحد بن زيد. يعرف به ابن أخته بكر بن زياد الباهلى ، شيخ البكرية ، فيقال بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد. مما يدل على مكانته العلمية ، وشهرته. (الفرق بين الفرق ص ٢١٢ ، ٢١٣. وانظر ما سبق هامش. ل ١٩٣ / أ.
(٦) من أول (سلمنا امتناع الحمل ... أصحاب عبد الواحد) مكررة فى أ. وكلمة (منع) ساقطة من ب. وكلمة (بعض) ساقطة من أ.