ثم ولو لزم أن يكون جسما كما فى الشاهد ؛ للزم أن يكون حادثا كما فى الشاهد. وإن كان لا يخلو عن الأعراض التى لا تخلو عنها الأجسام فى الشاهد : كالحركة ، والسكون ، وغير ذلك ؛ وبه اندفاع الشبهة الثانية أيضا.
وما استشهدوا به من فصل العلم ، والعالم عنه جوابان :
الأول : لا نسلم أن كون العالم عالما ، يزيد على قيام العلم به حتى يكون العلم علة له (١) ، على ما سيأتى (١) فى إبطال الأحوال.
الثانى : وإن سلمنا ذلك ؛ ولكن لا نسلم أن مستند كونه علة فى الغائب ؛ لكونه عالما ؛ القياس على الشاهد ؛ بل مستند ذلك إنما هو الدليل القاطع العقلى. العام للشاهد ، والغائب. أما أن يكون أحدهما مقاسا على الآخر ؛ فلا.
وأما شبهة الانطباع / فقد سبق جوابها (٢).
والقول بأنه لا معنى لقيام الصفة بالموصوف غير وجودها فى الجهة تبعا لمحلها ؛ غير مسلم.
وأما الظواهر الدالة على التجسيم ؛ فقد سبق جوابها (٣).
قولهم : ما المانع من مجرد التسمية؟
قلنا : لعدم مساعدة اللغة ، وورود الإذن من الشارع بذلك ولا يلزم من تسميته نفسا ؛ تسميته جسما ؛ فإن مدلول النفس فى كل شيء ذاته وحقيقته ، ولهذا يقال : نفس الجوهر ، ونفس العرض إشارة إلى ذاته. والرب ـ تعالى ـ له ذات وحقيقة ؛ فكان (٤) مسمى باسم النفس.
وإن سلمنا (٥) إطلاق الاسم مجردا عن مسماه ؛ فلا يلزم مثله فى الجسم من غير جامع ، وإن وجد الجامع ، فإنما يصح القياس ، والإلحاق أن لو كان القياس فى اللغة صحيحا ؛ وهو ممنوع. وإلا لصح أن يسمى سخيا وفقيها ؛ وهو باطل كما سبق.
__________________
(١) فى ب (كما سيأتى). انظر الجزء الثانى ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الثالث. الأصل الأول ل ١١٤ / أوما بعدها.
(٢) انظر ل ١٠٨ / ب وما بعدها.
(٣) انظر ل ١١٥ / ب وما بعدها.
(٤) فى ب (وكل).
(٥) فى ب (سلم).