فتكون من أخبار المسألة دليلاً للمختار ، كالأخبار السابقة.
وأما الصحيح : اهدي لنا طائر مذبوح بمكة فأكله أهلنا ، فقال : « لا يرى به أهل مكة بأساً » قلت : فأيّ شيء تقول أنت؟ قال : « عليهم ثمنه » (١).
فليس بصريح في محل النزاع من كون الآكل محرماً ، فيحتمل كونه مُحلاًّ ، كما نصّ عليه الصحيح الآخر : عن رجل اهدي إليه حمام أهلي جيء به وهو في الحرم مُحلّ ، قال : « إن أصاب منه شيئاً فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه » (٢).
وربما يرشد إليه قوله عليهالسلام : « لا يرى به أهل مكة بأساً » لما قيل من أنه ظاهر أن أهل مكة لا يرون به بأساً إنّ الآكلين محلّون (٣).
وبما ذكرناه ارتفع التعارض بين الأخبار وتوافقت على المختار ، ولعلّه لهذا لم يستدل للقول الثاني بالأخبار أكثر الأصحاب ، وإنما استندوا له ببعض الاعتبارات الغير المسموعة في مقابلة ما قدّمناه من الروايات ، والحمد لله تعالى.
واعلم أن موضوع المسألة على ما صرّح به بعض الأصحاب ـ (٤) كون القتل والأكل في الحلّ ، لا في الحرم ، وإلاّ فيتضاعف الجزاء لو كان في الحرم وهو محرم. وهو حسن ؛ لما قيل في القتل من هتكه لكلّ من حرمتي الإحرام والحرم فيتضاعف الجزاء.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ١٦٩ / ٧٤٠ ، الوسائل ١٣ : ٢٥ أبواب كفارات الصيد ب ١٠ ح ٢.
(٢) الفقيه ٢ : ١٦٨ / ٧٣٦ ، التهذيب ٥ : ٣٤٧ / ١٢٠٥ ، الوسائل ١٣ : ٣١ أبواب كفارات الصيد ب ١٢ ح ٣.
(٣) كشف اللثام ١ : ٣٩٦.
(٤) هو الفاضل الصيمري في شرح الشرائع ( منه رحمهالله ) ؛ والكتاب مخطوط.