سيده الإمام علي عليه السلام وبإشارة منه (١) ، ولا يخفى دور علم النحو في الحفاظ على ألفاظ القرآن الكريم شكلا وإعرابا وبالتالي فهما وإدراكا لمعانيه ، فقام أبو الأسود رضوان الله تعالى عليه بتشييد علم النحو وذكر أصوله وشد أركانه ، ومن ثم عكف على خط القرآن الكريم تشكيلا وإعرابا حتى أمكن تثبيت ألفاظ النص القرآني وتحديد حركات الكلمة وإعرابها على الورق لا في مخيلة القارئ فقط معتمدا على حفظه ، فصارت تؤدّى ألفاظه على كيفية واحدة متطابقة بين جماهير المسلمين ، ويتلقاه الخلف عن السلف بهيئة واحدة ، وكان عمله هذا عاصما من شيوع التحريف والتبديل فيه على مستوى الإعراب .
ولا داعي لتبيان خطر ترك القرآن من غير تشكيل مكتوب ، وخلو كلماته من إعراب مدون على طول الزمن ، فإن ما حدث في زمن عثمان بين الصحابة أنفسهم كان كافيا لإثبات ذلك ، خاصة بعد كثرة الفتوحات في أقاصي الأرض ، وفي الثغور البعيدة عن العاصمة الإسلامية التي يندر وجود العرب فيها ، مما يجعل مثل هذا الضبط للنص القرآني حاجة ملحة وضرورية .
فكان عمل هذا الشيعي المجاهد عاصما للقرآن من التحريف والتبديل
___________
(١) بعض الكتاب يحاول عمدا أو جهلا نسبة تأسيس علم النحو لأبي الأسود ، وكأن الواقع التاريخي لا يثبت أن أمير المؤمنين عليه السلام هو المؤسس الحقيقي له حين حصر الكلام في ثلاثة أقسام اسم وفعل وحرف ! ومن ثم أمر أبا الأسود أن ينحو هذا النحو ، ولهذا سمي النحو نحوا .