كان يقول بوقوع تحريف للقرآن في هذه الآية ( حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا ) (١) :
فهو يَسْتَأْنِسُ أَي يَتَبَصَّرُ ويتلفت هل يرى أَحداً ، أَراد أَنه مَذْعُور فهو أَجَدُّ لعَدْوِه وفراره وسرعته . وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ هذه الآية (حتى تستأذنوا) قال : ( تَسْتَأْنِسُوا ) (٢) خطأ من الكاتب ، قال الأزهري : قرأ أُبيّ وابن مسعود (تستأذنوا) كما قرأ ابن عباس ، والمعنى فيهما واحد (٣) .
وكذا اعترف المفسر صاحب السراج المنير باعتقاد بعض سلفهم الصالح تحريف القرآن :
وحكي عن عائشة وأبان بن عثمان : أنّ ذلك غلط من الكاتب ، ينبغي أن يكتب (والمقيمون الصلاة) . كذلك قوله في سورة المائدة : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ ) وقوله تعالى : ( قَالُوا إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ ) قالا : ذلك خطأ من الكاتب ، وقال عثمان : إنّ في المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تغيّره ؟! فقال : دعوه فإنّه لا يحلّ حراماً ولا يحرّم حلالاً . وعامة الصحابة وأهل العلم على أنّه صحيح (٤) .
قوله الأخير هذا : (وعامة الصحابة وأهل العلم على أنّه صحيح) يفيد
___________
(١) و (٢) النور : ٢٧ .
(٣) لسان العرب ٦ : ١٦ .
(٤) السراج المنير ١ : ٣٤٥ ، ط . دار المعرفة .