يزعم أنك تركت من آيات الله آية لم تكتبها ! قال : والله لأسألن أُبيّاً فإن أنكر لتكذبن ، فلما صلى صلاة الغداة غدا على أُبيّ فأذن له وطرح له وسادة وقال : يزعم هذا أنك تزعم أني تركت آية من كتاب الله لم أكتبها ! فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : (لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما واديا ثالثا ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) فقال عمر : أفأكتبها ؟ قال : لا أنهاك ! قال ـ الراوي ـ : فكأنّ أُبيّاً شك أقول من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم أو قرآن منزل (١) .
القول الأخير الذي قاله أحد الرواة ليس إلا احتمال يُتنبأ به عما في ضمير الغير ، والدليل على خلافه قائم ، لأن هذا الحدس والتخمين لا ينسجم مع الأدلة فقط ! ، بل يعارض رواياتهم الصحيحة الحاكية تفاخر أُبي بن كعب بأن الله عزّ وجلّ قد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإقرائه تلك الجملتين ، فكيف يشك أُبيّ فيها ؟!
وعن مستدرك الحاكم : عن أُبي بن كعب قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إن الله قد أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ، ومن بقيّتها : (لو أن ابن آدم سأل وادياً من مالٍ فأعطيته سأل ثانياً وإن سأل ثانياً فأعطيته سأل ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ويتوب الله على من تاب ، وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهوديّة ولا النصرانية ومن يعمل خيراً
___________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٧٨ .