قيل (١) : ويؤيّد ذلك قوله : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) : عن إيمانهم مع ما رأوا من أحوالهم.
وقيل (٢) : أي : أفلم يعلم. وهو لغة قوم من النّخع.
وقيل (٣) : إنّما استعمل اليأس بمعنى : العلم ، لأنّه مسبّب عن العلم ، فإنّ الميئوس عنه لا يكون إلّا معلوما (٤).
وفي مجمع البيان (٥) : قرأ عليّ وعليّ بن الحسين وجعفر بن محمّد ـ عليهم السّلام ـ : «أفلم يتبيّن».
وقيل (٦) : تنسب هذه القراءة إلى جماعة من الصّحابة والتّابعين ، وهو تفسيره.
(أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) ، معناه : نف هدى بعض النّاس لعدم تعلّق المشيئة باهتدائهم.
وهو على الأول متعلّق بمحذوف ، تقديره : أفلم ييأس الّذين آمنوا عن إيمانهم علما منهم أن لو يشاء الله لهدى النّاس جميعا [، أو ب «آمنوا»] (٧).
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا) : من الكفر وسوء الأعمال.
(قارِعَةٌ) : داهية تقرعهم وتقلعهم وتهدّمهم.
(أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) : فيفزعون منها ، ويتطاير إليهم شرورها.
وقيل (٨) : الآية في كفار مكّة لا يزالون مصابين بما صنعوا برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، فإنّه كان ـ صلّى الله عليه وآله ـ لا يزال يبعث السّرايا عليهم فتغير (٩) حواليهم وتختطف مواشيهم. وعلى هذا يجوز أن يكون تحلّ خطابا للرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، فإنّه حلّ بجيشه قريبا من دارهم عام الحديبية.
(حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) : القيامة. أو الموت. أو فتح مكّة.
(إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (٣١) : لامتناع الكذب في كلامه.
__________________
(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٠.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٠.
(٤) لأن اليأس عن حصول الشيء لا يكون إلّا بعد العلم به ، لأنّ اليأس عنه هو اعتقاد عدم حصوله.
(٥) المجمع ٣ / ٢٩٢.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٠.
(٧) من أنوار التنزيل ١ / ٥٢٠.
(٨) أنوار التنزيل ١ / ٥٢١.
(٩) أغار عليهم : دفع عليهم الخيل وأوقع بهم.