قلت : يا ابن رسول الله ، أجد محبّيكم وشيعتكم على ما هم فيه ، ممّا وصفته من أفعالهم ، لو أعطي أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضّة أن يزول عن ولايتكم و (١) محبّتكم إلى موالاة غيركم وإلى محبّتهم ما زال ، ولو ضربت خياشيمه (٢) بالسّيوف فيكم ، ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع عن محبّتكم وولايتكم. وأرى النّاصب على ما هو عليه ، ممّا وصفته من أفعالهم ، لو أعطي أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضّة أن يزول عن محبّة الطّواغيت (٣) وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ، ولو ضربت خياشيمه بالسّيوف فيهم ولو قتل [فيهم] (٤) ما ارتدع ولا رجع ، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأزّ من ذلك وتغيّر لونه ، ورأى (٥) كراهية ذلك في وجهه بغضا لكم ومحبّة لهم (٦).
[قال] (٧) فتبسّم الباقر ـ عليه السّلام ـ ثمّ قال : يا إبراهيم ، ها هنا هلكت العاملة النّاصبة (تَصْلى ناراً حامِيَةً ، تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) ومن ذلك قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (٨). ويحك ، يا إبراهيم ، أتدري ما السّبب والقصّة في ذلك ، وما الّذي قد خفي على النّاس منه؟
قلت : يا ابن رسول الله ، فبيّنه لي واشرحه وبرهنه.
قال : يا إبراهيم ، إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يزل عالما (٩) قديما خلق الأشياء لا من شيء ، ومن زعم أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ خلق الأشياء من شيء فقد كفر ، لأنّه لو كان ذلك الشّيء الّذي خلق منه الأشياء قديما [معه] (١٠) في أزليّته وهويّته كان ذلك الشّيء أزليّا ، بل خلق ـ عزّ وجلّ ـ الأشياء كلّها لا من شيء فكان ممّا خلق الله تعالى (١١) أرضا طيّبة ثمّ فجّر منها ماء عذبا زلالا ، فعرض عليها ولايتنا ، أهل البيت ، فقبلتها فأجرى ذلك الماء عليها
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «لما فعل ولا عن» بدل «و».
(٢) خياشيم ـ جمع الخيشوم ـ : أقصى الأنف.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : محبّته للطّواغيت.
(٤) من المصدر.
(٥) الأظهر : رئي.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : لغيركم.
(٧) من المصدر.
(٨) الفرقان / ٢٣.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : قائما.
(١٠) من المصدر.
(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «وممّا خلق الله ـ عزّ وجلّ ـ أن خلق» بدل «فكان ممّا خلق الله ـ تعالى ـ».