يقال : خالفت زيدا إلى كذا : إذا قصدته ، وهو مولّ عنه. وخالفته عنه : إذا كان الأمر بالعكس ، أي : قصده وأنت مولّ عنه.
(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) : ما أريد إلّا أن أصلحكم بأمري بالمعروف ونهيي عن المنكر ، ما دمت أستطيع الإصلاح. فلو وجدت الصّلاح فيما أنتم عليه ، لما نهيتكم عنه.
ولهذه الأجوبة الثّلاثة عن هذا النّسق شأن ، وهو التّنبيه على أنّ العاقل يجب أن يراعي في كلّ ما يليه ويذره أحد حقوق ثلاثة أهمّها وأعلاها حقّ الله ، وثانيها حقّ النّفس ، وثالثها حقّ النّاس. وكلّ ذلك يقتضي أن آمركم بما أمرتكم به ، وأنهاكم عمّا نهيتكم عنه. و «ما» مصدريّة واقعة موقع الظّرف.
وقيل (١) : خبريّة بدل من الإصلاح إلى المقدار الّذي استطعته ، أو إصلاح ما استطعته ، فحذف المضاف.
(وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) : وما توفيقي لإصابة الحقّ والصّواب ، إلّا بهدايته ومعونته.
(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) ، فإنّه القادر المتمكّن من كلّ شيء ، وما عداه عاجز في حدّ ذاته.
وفيه إشارة إلى محض التّوحيد الّذي هو أقصى مراتب العلم بالمبدأ.
في نهج البلاغة (٢) : من كتاب له ـ عليه السّلام ـ إلى معاوية جوابا ، قال فيه ـ عليه السّلام ـ بعد أن ذكر عثمان وقتله : وما كنت لأعتذر من أنّي كنت أنقم (٣) عليه أحداثا.
فإن كان الذّنب إليه (٤) إرشادي وهدايتي له ، فربّ ملوم لا ذنب له.
وقد يستفيد الظنّة المتنصح (٥)
وما أردت إلّا الإصلاح ما استطعت. «وما توفيقي إلّا بالله عليه توكّلت [وإليه أنيب] (٦)».
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٧٨.
(٢) نهج البلاغة / ٣٨٨ ، ضمن كتاب ٢٨.
(٣) أ ، ب : أهم.
(٤) أ ، ب : «الذنوب» بدل «الذنب إليه».
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : المظنة المستنصح.
(٦) من المصدر.