صالح. فمن قرأ إنّه عمل غير صالح ، فقد نفاه عن أبيه.
فقال ـ عليه السّلام ـ : كلّا ، لقد كان ابنه. ولكن لمّا عصى الله ـ عزّ وجلّ ـ نفاه عن أبيه ، كذا من كان منّا لم يطع الله ـ عزّ وجلّ ـ فليس منّا. وأنت إذا أطعت الله ، فأنت منّا من (١) أهل البيت.
حدّثنا (٢) محمّد بن عليّ ماجيلويه ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن موسى المتوكّل وأحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ـ رضي الله عنه (٣) ـ قالوا : حدّثنا عليّ بن إبراهيم قال : حدّثني ياسر ، أنّه خرج زيد بن موسى ، أخو أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ بالمدينة وأحرق وقتل.
وكان يسمّى : زيد النّار. فبعث إليه المأمون ، فأسر وحمل إلى المأمون.
فقال المأمون : اذهبوا به إلى أبي الحسن.
قال ياسر : فلمّا دخل إليه ، قال له أبو الحسن الرّضا : يا زيد ، أغرّك قول سفلة أهل الكوفة : إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ـ تعالى ـ ذرّيّتها على النّار؟ ذلك للحسن والحسين ـ عليهما السّلام ـ خاصّة. إن كنت ترى أنّك تعصي الله ـ تعالى ـ وتدخل الجنّة ، وموسى بن جعفر أطاع الله ودخل الجنّة ، فأنت إذا أكرم على الله من موسى بن جعفر. والله ، ما ينال أحد ما عند الله إلّا بطاعته وزعمت أنّك تناله بمعصيته ، فبئس ما زعمت.
فقال له زيد : أنا أخوك وابن أبيك.
فقال له أبو الحسن : أنت أخي ما أطعت الله ـ عزّ وجلّ ـ. إنّ نوحا ـ عليه السّلام ـ قال : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ). فقال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ). فأخرجه الله ـ عزّ وجلّ ـ من أن يكون من أهله بمعصيته.
(فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) : ما لا تعلم أصواب هو أم ليس كذلك.
وإنّما سمّي نداءه : سؤالا ، لتضمّن ذكر الوعد بنجاة أهله استنجازه في شأن ولده ، أو استفسار المانع للإنجاز في حقّه.
وإنّما سمّاه : جهلا وزجر عنه بقوله : (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٤٦). لأنّ استثناء من سبق عليه القول من أهله قد دلّه على الحال وأغناه
__________________
(١) ليس في المصدر.
(٢) العيون ٢ / ٢٣٤ ، ح ٤.
(٣) المصدر : عنهم.