وفي باب (١) ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع المأمون ، في الفرق بين العترة والأمّة حديث طويل. يقول فيه الرّضا ـ عليه السّلام ـ : أما علمتم أنّه وقعت الوراثة والطّهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟
قالوا : من أين ، يا أبا الحسن؟
فقال : من قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ ، فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٢). فصارت وراثة النّبوّة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين. أما علمتم أنّ نوحا حين سأل ربّه ـ عزّ وجلّ ـ : (فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ). وذلك أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ وعده أن ينجّيه وأهله فقال ربّه ـ عزّ وجلّ ـ : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ، إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ، فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ، إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ).
وفي باب (٣) قول الرّضا ـ عليه السّلام ـ لأخيه ، زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه ، بإسناده إلى الحسن بن موسى [بن علي] (٤) الوشّاء البغداديّ قال : كنت بخراسان مع عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ في مجلسه وزيد بن موسى حاضر قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ، ويقول : نحن [ونحن] (٥). وأبو الحسن ـ عليه السّلام ـ مقبل على قوم يحدّثهم. فسمع مقالة زيد ، فالتفت إليه.
فقال : يا زيد ، أغرّك [قول] (٦) ناقلي الكوفة : إنّ فاطمة أحصنت فرجها ، فحرّم الله ـ تعالى ـ ذرّيّتها على النّار؟ فو الله ، ما ذاك إلّا للحسن والحسين وولد بطنها خاصّة.
فأمّا أن يكون موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ، ثمّ تجيئان يوم القيامة سواء ، لأنت أعزّ على الله ـ عزّ وجلّ ـ منه. إنّ عليّ بن ـ عليهما السّلام ـ كان يقول : كان (٧) لمحسننا كفلان من الأجر ، ولمسيئنا ضعفان من العذاب.
قال الحسن الوشّاء : ثمّ التفت إليّ فقال لي : يا حسن ، كيف تقرءون هذه الآية (قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ)؟
فقلت : من النّاس من يقرأ : إنّه عمل غير صالح. ومنهم من يقرأ : إنّه عمل غير
__________________
(١) العيون ١ / ٢٣٠.
(٢) الحديد / ٢٦.
(٣) العيون ٢ / ٢٣٢ ، ح ١.
(٤ و ٥) من المصدر.
(٦) من المصدر.
(٧) ليس في المصدر.