وهمزة : وصف مشتق من الهمز. وهو أن يعيب أحد أحدا بالإشارة بالعين أو بالشّدق أو بالرأس بحضرته أو عند توليه ، ويقال : هامز وهمّاز ، وصيغة فعلة يدل على تمكن الوصف من الموصوف.
ووقع (هُمَزَةٍ) وصفا لمحذوف تقديره : ويل لكل شخص همزة ، فلما حذف موصوفه صار الوصف قائما مقامه فأضيف إليه (كلّ).
ولمزة : وصف مشتق من اللمز وهو المواجعة بالعيب ، وصيغته دالة على أن ذلك الوصف ملكة لصاحبه كما في همزة.
وهذان الوصفان من معاملة أهل الشرك للمؤمنين يومئذ ، ومن عامل من المسلمين أحدا من أهل دينه بمثل ذلك كان له نصيب من هذا الوعيد.
فمن اتصف بشيء من هذا الخلق الذميم من المسلمين مع أهل دينه فإنها خصلة من خصال أهل الشرك. وهي ذميمة تدخل في أذى المسلم وله مراتب كثيرة بحسب قوة الأذى وتكرره ولم يعد من الكبائر إلا ضرب المسلم. وسبّ الصحابة رضياللهعنهم وإدمان هذا الأذى بأن يتخذه ديدنا فهو راجع إلى إدمان الصغائر وهو معدود من الكبائر.
وأتبع (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) لزيادة تشنيع صفتيه الذميمتين بصفة الحرص على المال. وإنما ينشأ ذلك عن بخل النفس والتخوف من الفقر ، والمقصود من ذلك دخول أولئك الذين عرفوا بهمز المسلمين ولمزهم الذين قيل إنهم سبب نزول السورة لتعيينهم في هذا الوعيد.
واسم الموصول من قوله : (الَّذِي جَمَعَ مالاً) نعت آخر ولم يعطف (الَّذِي) بالواو لأن ذكر الأوصاف المتعددة للموصوف الواحد يجوز أن يكون بدون عطف نحو قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) [القلم : ١٠ ـ ١٣].
والمال : مكاسب الإنسان التي تنفعه وتكفي مئونة حاجته من طعام ولباس وما يتخذ منه ذلك كالأنعام والأشجار ذات الثمار المثمرة. وقد غلب لفظ المال في كل قوم من العرب على ما هو الكثير من مشمولاتهم فغلب اسم المال بين أهل الخيام على الإبل قال زهير :
فكلّا أراهم أصبحوا يعقلونه |
|
صحيحات مال طالعات بمخرم |