الإنعام ، وتذكّرت عند مشاهدة تلك المسالك الصعبة قول حافظ الحفّاظ ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله تعالى ـ وهو ممّا زادني في هذه الزيارة رغبة : [الوافر]
إلى البيت المقدّس جئت أرجو |
|
جنان الخلد نزلا من كريم |
قطعنا في مسافته عقابا |
|
وما بعد العقاب سوى النعيم (١) |
فلما دخلت المسجد الأقصى ، وأبصرت بدائعه التي لا تستقصى ، بهرني جماله الذي تجلّى الله به عليه ، وسألت عن محلّ المعراج الشريف فأرشدت إليه ، وشاهدت محلّا أمّ فيه صلّى الله عليه وسلّم الرّسل الكرام الهداة ، وكان حقّي أن أنشد هنالك ما قاله بعض الموفقين وهو مما ينبغي أن تزمزم به الحداة (٢) : [مجزوء الكامل]
إن كنت تسأل أين قد |
|
ر محمد بين الأنام |
فأصخ إلى آياته |
|
تظفر بريّك في الأوام (٣) |
أكرم بعبد سلّمت |
|
تقديمه الرّسل الكرام |
في حضرة للقدس وا |
|
فاها بعزّ واحترام |
صفّوا وصلّوا خلفه |
|
إنّ الجماعة بالإمام |
للشّهب نور بيّن |
|
والفضل للقمر التّمام (٤) |
سلك النّبوّة باهر |
|
وبأحمد ختم النظام |
هذا الكتاب دلالة |
|
تبقى إلى يوم القيام |
شهدت له من بعد عج |
|
ز ألسن اللّدّ الخصام |
خير الورى وأجلّ آ |
|
يات له خير الكلام |
فعليه من ربّ الورى |
|
أزكى صلاة مع سلام |
وربما يقول من يقف على سرد هذه الأمداح النبوية : إلى متى وهذا الميدان تكلّ فيه فرسان البديهة والرّويّة؟ فأنشده في الجواب ، قول بعض من أمّ نهج الصّواب : [الرمل]
لأديمنّ مديح المصطفى |
|
فعل من في الله قوّى طمعه |
__________________
(١) العقاب : الأولى جمع عقبة ، والعقاب الثانية : الجزاء على فعل الشر.
(٢) زمزم : ترنّم وطرب. والحداة : جمع حاد : وهو الذي يترنم للإبل فتسرع.
(٣) الأوام : حرارة العطش.
(٤) الشهب : جمع شهاب ، وهو النجم المضيء ، أو ما يرى كأنه نجم ينقضّ من السماء.