من الأرض المغارب والمشارق ، وتمّ به نظام أنبياء الله ورسله العظام ، وأزاح نوره الضلال والظلام ، حتى أضاءت بوسمه المساجد وازدانت باسمه المهارق (١) ، وألقى الموفق الموافق لدعوته بيد الاستسلام ، وذلك شأن ذوي العقول الراجحة والأحلام ، غير خائف من عتب ولا مترقب لملام ، فأمن من الطوارىء والطوارق ، وتمت كلمة الإسلام الذي اتّضح برهانه لذي بصر وبصيرة لا يحتاج إلى زيادة الإعلام ، وعلت سيوف توحيد الملك العلّام ، من المعاند المفارق المفارق (٢) وخضبتها بحناء النجيع (٣) الرقراق : النبيّ الأمّيّ الأمين ، الداعي جميع العالمين ، إلى سلوك منهاج ما له من هاج (٤) ذي أضواء شوارق ، سيد الرّسل الغرّ الميامين ، ملجأ الأمة ، جعلنا الله ممن نجا باللّجإ إليه آمين ، الذي أنزل عليه القرآن ، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وانشقّ له الزبرقان (٥) ونبع الماء من بين أصابعه زيادة في الإيقان ، وسلمت عليه الأحجار ، وانقادت لأمره الأشجار ، متفيّئة ظلاله الشريفة وخطّت في الأرض أسطرا مبدعة الإتقان ، إلى غير ذلك من معجزاته الخوارق ، فهو صاحب الدعوة الجامعة ، والبراهين اللّامعة ، والأدلّة التي سقت الشجرة الطيبة غيوثها النافعة ، الصّيّبة الهامية الهامعة (٦) ، الصادقة البوارق. فأثمرت النجاة والفوز والفلاح وأورقت بالهدى أحسن إيراق ، أسنى رسول بعث إلى الأرض وأعظمهم جلالة (٧) ، وأكثرهم تابعا في الطول منها والعرض ، ولم لا وقد ظهر به الحقّ لمن أمّه (٨) مسترشدا وجلا له (٩)؟ وأسمى من جاء بتبيين السّنّة والفرض وأعمّهم دلالة ، منقذ البرايا في الدّنيا ويوم العرض ، الآخذ بحجزهم عن النّار والضلالة ، الداعي إلى تقديم الخير وحسن القرض ، الحريص على هداية الخلق ، المبلّغ لهم أحكام الحق من غير ضجر ولا ملالة ، ذو الفضل العظيم الذي لم يختلف فيه من أهل العقول اثنان ، والمجد الصّميم (١٠) الثابت الأصول الباسق (١١) الأفنان (١٢) ، المنتقى من محتد معدّ بن عدنان ، المنتخب من خير عنصر وأطهر سلالة ، شفيعنا وملاذنا وعصمتنا ومعاذنا وثمالنا الذي نجحت به آمالنا ، وزكت أقوالنا وأعمالنا ، ووسيلتنا الكبرى ، وعمدتنا العظمى في الأولى والأخرى ، وكنزنا الذي أعددناه لإزاحة الغموم
__________________
(١) المهارق : الصحف.
(٢) المفارق الأولى اسم فاعل من فارق ، والثانية جمع مفرق ، وهو الموضع الذي يفرق فيه الشعر من الرأس.
(٣) النجيع : الدم القانئ.
(٤) هاج : اسم فاعل من هجا.
(٥) الزبرقان : القمر.
(٦) الصّيبة : الممطرة ، والهامية : السائلة ، والهامعة : السائلة.
(٧) جلالة : عظمة.
(٨) أمّه : قصده.
(٩) جلا له : أوضح له.
(١٠) الصميم : الخالص.
(١١) الباسق : العالي.
(١٢) الأفنان : الأغصان ، جمع فنن.