ولأنه فعل سائغ شرعا فلا يستعقب ضمانا.
وفيه : أن أصالة البراءة تنقطع بدليل الشغل (١). والإذن في العلاج لا في الإتلاف ، ولا منافاة بين الجواز والضمان ، كالضارب للتأديب وقد روي أن أمير المؤمنين عليهالسلام ضمّن ختانا قطع حشفة غلام والأولى الاعتماد على الإجماع فقد نقله المصنف في الشرح وجماعة لا على الرواية لضعف سندها بالسكوني.
(ولو أبرأه) المعالج (٢) من الجناية قبل وقوعها(فالأقرب الصحة) ، لمسيس الحاجة إلى مثل ذلك إذ لا غنى عن العلاج.
______________________________________________________
(١) أي دليل الاشتغال.
(٢) فإذا أبرأ المريض الطبيب من الضمان قبل العلاج فهل يبرأ؟ قيل : نعم ، والقائل به الشيخان وأبو الصلاح وفخر المحققين بل في المسالك أنه المشهور لرواية السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلّا فهو ضامن) (١) ، ولأن العلاج مما تمسّ الحاجة إليه فلو لم يشرع الإبراء لتعذر العلاج لإعراض الأطباء عن الطبابة بسبب الضمان.
وقيل : لا يبرأ ، والقائل به ابن إدريس ، لأنه إسقاط حق قبل ثبوته مع احتمال حمل الخبر على البراءة بعد الجناية ، والحاجة الماسّة لا تصلح دليلا لتشريع الحكم ، مع أن الرواية ضعيفة بالسكوني هذا فضلا عن عدم الموجب لأخذ البراءة من وليّ المريض مع أنه في كمال العقل وأهلية التصرف فلو كانت البراءة كافية في عدم الضمان فلتكن منه لا من وليه.
وأجيب عن إشكال المتن بجوابين :
الأول : للمحقق في نكت النهاية حيث قال : «وإنما عدل إلى الولي لأنه المطالب على تقدير التلف ، فلما شرّع الإبراء قبل الاستقرار لمكان الضرورة صرف إلى من يتولى المطالبة بتقدير وقوع ما يبرأ منه» انتهى ، وفيه : إن الولي وإن كان هو المطالب على تقدير وقوع الجناية لكن لا يرفع هذا سلطنة المريض على نفسه قبل وقوع الجناية فيجب أخذ البراءة من المريض لا من وليّه.
والثاني : بأن الولي المقصود من الخبر هو المريض ، لأنه يتولى المطالبة بالضمان إذا كانت الجناية لا توجب الهلاك ، وفيه : إنه على خلاف ظاهر الخبر.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب موجبات الضمان حديث ١.