وأطلق المصنف وغيره الحكم كذلك من غير تقييد بكون السارق مضطرا إليه ، وعدمه تبعا لإطلاق النص (١) ، وربما قيده بعضهم بكونه مضطرا وإلا قطع إذ لا دخل للمجاعة مع غنى السارق ولا بأس به. نعم لو اشتبه حاله اتجه عدم القطع أيضا عملا بالعموم (٢) وبهذا يندفع ما قيل : إن المضطر يجوز له أخذه قهرا في عام المجاعة وغيره ، لأن المشتبه حاله لا يدخل في الحكم (٣) مع أنّا نمنع من جواز أخذ المضطر له قهرا مطلقا (٤) ، بل مع عدم إمكان إرضاء مالكه بعوضه كما سبق وهنا الثابت الحكم بكونه لا قطع إذا كان مضطرا مطلقا (٥) وإن حرم عليه
______________________________________________________
(١) حيث لم يقيد الحكم في الأخبار بكونه مضطرا إليه ، وعن الشيخ في المبسوط التفصيل بين المضطر وغيره فأوجب القطع على غير المضطر ، وتبعه عليه بعض المتأخرين كصاحب الجواهر وغيره وذلك لأن تقييد السنة بالمجاعة يفيد الاضطرار عند السارق وإلا فإذا لم يكن مضطرا فالسنة كغيرها بالنسبة إليه وأشكل على ذلك بأن التقييد سنين المجاعة بالمضطر ليس في محله ، لأن المضطر يجوز له أخذ مال الغير ولو سرقة إن توقف رفع الاضطرار عليه بلا فرق بين عام المجاعة وغيره فلا معنى لحمل نصوص المجاعة على المضطر فقط.
ورده الشارح بأن لو لا نصوص المجاعة لكان المشتبه حاله أنه مضطر تقطع يده لعموم دليل القطع ، خرج منه المضطر عقلا فيبقى تحته الباقي بما فيه المشتبه ، أما مع نصوص المجاعة المقيّدة بالاضطرار يخرج منها القادر والباقي يبقى تحتها بما فيه المشتبه ، فلذا كان للنصوص سنوات المجاعة فائدة غير فائدة المضطر فافهم.
(٢) أي بعموم نصوص سنوات المجاعة.
(٣) أي حكم جواز الأخذ قهرا.
(٤) أي أمكن تحصيل رضا المالك أولا ، وهذا جواب ثان من الشارح وحاصله : أن المضطر يجوز له الأخذ قهرا بشرط عدم إمكان إرضاء المالك ، أما مع إمكان الإرضاء فيشترط الرضا كما تقدم في باب الأطعمة والأشربة
وعليه فهناك فرق بين نصوص المجاعة المحمولة على الاضطرار وبين حكم المضطر ، ومع التغاير لا يستغنى أحدهما عن الآخر ، لأن نصوص المجاعة تدل على عدم القطع لمن سرق مال الغير ولو أمكن تحصيل رضا ذلك الغير ، وحكم المضطر قهرا مشروط بعدم تحصيل رضا المالك.
(٥) مع إمكان تحصيل الرضا وعدمه.