الاستعارة بالتّحقيقيّة والكناية (١) لأنّ الاستعارة التّخييليّة كإثبات الأظفار للمنيّة في المثال المذكور ليس فيه شيء من الدّلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى على (٢)
________________________________________
فإنّه صرح بأنّ نحو : لقيت بزيد أسدا ، أو لقيني أسد من قبيل التّشبيه.
وكيف كان فقوله «لا يسمّى تشبيها اصطلاحيّا» أي وإن وجد فيهما معنى التّشبيه نعم ، هو تشبيه لغوي ، وهو أعمّ من الاصطلاحي ، فكلّ تشبيه اصطلاحي تشبيه لغوي ولا عكس ، فيجتمعان في زيد أسد ، وينفرد اللّغوي في الاستعارة والتّجريد.
(١) أي حاصل الكلام في المقام أنّ المصنّف إنّما قيّد الاستعارة بالتّحقيقيّة والمكنّى عنها ، واكتفى بذكرهما ولم يقل : ولا على وجه الاستعارة التّخييليّة ، لأنّها حقيقة عند المصنّف مستعمل في معناه الحقيقي ، وليس مجازا أصلا ، وإنّما التّجوّز في إثباتها للمنيّة.
وبعبارة أخرى : إنّ الاستعارة التّخييليّة هي مجرّد إثبات لازم المشبّه به للمشبّه بعد ادّعاء كونه عينه عند المصنّف ، فهذا اللّازم مستعمل في معناه الحقيقي ، ولم يشبّه بشيء ولا تجوّز فيه ، فإذا لا تكون الاستعارة التّخييليّة داخلة في الجنس ، أي الدّلالة على المشاركة حتّى يحتاج إلى إخراجها ، هذا ما أشار إليه بقوله «ليس فيه شيء من الدّلالة» أي فهي غير داخلة في المراد بما في قوله : «ما لم تكن ...» حتّى يحتاج إلى أن يقول : ولا على وجه الاستعارة التّخييليّة.
(٢) يحتمل أن يكون متعلّقا بإثبات ، فالمعنى أنّ الاستعارة التّخييليّة عند المصنّف موافقا للسّلف ، إثبات لازم المشبّه به للمشبّه بعد ادّعاء كونه عينه ، فلا تشبيه إلّا في الاستعارة بالكناية ، ويحتمل أن يكون الظّرف متعلّقا بالنّفي ، أي انتفاء الدّلالة على المشاركة في التّخييليّة على رأي المصنّف ، لا على رأي السّكّاكي ، ففيها ذلك إذ الاستعارة التّخييليّة عند السّكّاكي هو إطلاق اسم المشبّه به على المشبّه الوهمي مثلا في المثال أطلق لفظ الأظفار على المشبّه ، وهو صورة وهميّة شبيهة بصورة الأظفار المحقّقة ، والقرينة إضافتها إلى المنيّة ، وحقيقة ذلك أنّه لما شبّه المنيّة بالسّبع في اغتيال النّفوس أخذ الوهم في تصويرها بصورته ، واختراعه لوازمها له ، فاخترع لها مثل صورة الأظفار ، ثمّ أطلق لفظ الأظفار ، ففيه عندئذ الدّلالة على مشاركة أمر وهو الصّورة الوهميّة لأمر آخر ، وهو ما يراد من الأظفار حقيقة في معنى ، وهي الهيئة الخاصّة ، فإذا لا بدّ على مسلكه من زيادة قيد لا على وجه الاستعارة التّخييليّة لإخراجها عن التّشبيه.