[والدّعاء] أي الطّلب على سبيل التّضرّع (١) [نحو : (رَبِّ اغْفِرْ لِي ،) والالتماس كقولك لمن يساويك (٢) رتبة أفعل بدون (٣) الاستعلاء] والتّضرّع.
فإن قيل : أيّ حاجة إلى قوله : بدون الاستعلاء ، مع قوله لمن يساويك رتبة (٤).
قلت : قد سبق أنّ الاستعلاء لا يستلزم العلوّ (٥) فيجوز أن يتحقّق (٦) من المساوي ، بل من الأدنى أيضا [ثمّ الأمر (٧) ، قال السّكّاكي : حقّه (٨) الفور ، لأنّه (٩) الظّاهر من
________________________________________
(١) أي التّذلّل والخضوع سواء كان الطّالب أدنى أو أعلى أو مساويا في الرّتبة.
(٢) المراد من المساواة المساواة في نفس الأمر ، أو ولو بحسب زعم المتكلّم ، ولعلّ الثّاني هو الظّاهر.
(٣) قيد في الالتماس ، ثمّ إنّ مناط الأمريّة في الطّلب هو الاستعلاء ، ولو من الأدنى ومناط الدّعاء في الطّلب التّضرّع والخضوع ولو من الأعلى كالسّيّد مع عبده ، ومناط الالتماس في الطّلب هو التّساوي مع نفي التّضرّع والاستعلاء.
(٤) أي مع أنّ المساواة تستلزم عدم الاستعلاء ، فلا حاجة إلى التّقييد بقوله : «بدون الاستعلاء» بل هذا القيد لغو
(٥) أي لا يكون الاستعلاء لازما للعلوّ ، بل قد يوجد العلوّ بدون استعلاء ، وقد يوجد الاستعلاء بدون علوّ ، لأنّ الاستعلاء عدّ الآمر نفسه عاليا ، بأنّ يكون الطّلب الصّادر منه على وجه الغلظة ، وهذا المعنى أي جعل الآمر نفسه عاليا في أمره ، يصحّ من المساوي في نفس الأمر ، ومن الأدنى لأنّ دعاوي النّفس أكثر من أن تحصى وحينئذ فيحتاج إلى قوله : «بدون استعلاء مع قوله لمن يساويك» لإخراج الأمر.
(٦) أي الاستعلاء من المساوي ، لأنّ المنافي للمساواة إنّما هو العلوّ لا الاستعلاء.
(٧) أي صيغته.
(٨) أي مقتضاه وجوب الإتيان بالفعل المأمور به عقيب ورود الأمر في أوّل أوقات الإمكان ، وجواز التّراخي مفوّض إلى القرينة ، فمتى قيل افعل معناه افعل فورا ، ولا يدلّ على التّراخي إلّا بالقرينة.
(٩) أي الفور الظّاهر من الطّلب.