من أنفسنا ، والجواب (١) أنّ التوقّف إنّما هو من جهة تذكّر الواضع وبعد تحقّق العلم بالوضع وحصوله بالفعل ، فالفهم ضروري [ويتأتّى] الإيراد المذكور (٢) [بالعقليّة (٣)] من الدّلالات [لجواز أن تختلف مراتب اللزّوم (٤) في الوضوح (٥)] أي مراتب لزوم الأجزاء للكلّ في التّضمّن (٦)
________________________________________
(١) وحاصل الجواب أنّ المراد بالاختلاف في الوضوح والخفاء أن يكون ذلك بالنّظر إلى نفس الدّلالة ، وهذا غير معقول في الدّلالة المطابقيّة إذ بعد العلم بالوضع والتّلفّظ والسّماع لا بدّ من الدّلالة ، وما ذكرت من الاختلاف إنّما هو بالنّسبة إلى تذكّر الوضع المنسي ، أي وليس التوقّف والمراجعة لخفاء الدّلالة بعد العلم بالوضع ، هذا متصوّر في الدّلالة الالتزاميّة ، لأنّها متقوّمة على اللزّوم ، وهو أساسه ولبّه ، فحيث إنّه مختلف يوجب اختلافه اختلاف الدّلالات الالتزاميّة.
(٢) أي إيراد المعنى الواحد بتراكيب مختلفة في وضوح الدّلالة يتأتّى بالدّلالات العقليّة ، أي التّضمنيّة والالتزاميّة.
(٣) اللّام للعهد ، أي يتأتّى بالتّضمّن والالتزام.
(٤) أراد باللّزوم ما يشمل لزوم الجزء للكلّ في التّضمّن ، ولزوم اللّازم للملزوم في الالتزام ، ولهذا لم يقل : مراتب اللّازم ، لئلّا يكون قاصرا على دلالة الالتزام.
(٥) بأن يكون بعض المراتب أوضح دلالة من بعضها الآخر ، لأنّ الدّلالة كما عرفت متقوّمة على اللزّوم ، وهو مختلف ، إذ قد يكون بيّنا بالمعنى الأخصّ ، وقد يكون بيّنا بالمعنى الأعمّ ، وقد يكون بيّنا بالمعنى الأعمّ ، وقد يكون غير بيّن ، وغير بيّن قد يفتقر إلى ملاحظة واسطة ، وقد يفتقر إلى ملاحظة واسطتين ، وهكذا ، فإذا يحصل اختلاف الدّلالات باختلافه.
(٦) أقول : اختلاف مراتب اللزّوم في التّضمّن من جهة وجود الواسطة وعدمها ، وقلّتها وكثرتها مثلا الحيوان والجسم النّامي والجسم المطلق والجوهر ، كلّها أجزاء للإنسان لكن بعضها بواسطة فأكثر ، وبعضها بلا واسطة ، فالرّبط بينه وبين ما هو جزئه بلا واسطة أوضح من الرّبط الّذي بينه وبين جزئه مع واسطة ، والرّبط بينه وبين ما هو جزئه بواسطة واحدة أوضح ممّا هو جزؤه بواسطتين وهكذا. هذا الاختلاف يوجب اختلاف دلالة اللّفظ الموضوع بإزائه بالقياس إليها.