إلى الصّواب [أن يقال المقبول (١) من طرق التّعبير عن المراد تأدية أصله (٢) بلفظ مساو له] أي الأصل المراد (٣)
________________________________________
والثّاني : إنّه يدلّ على أنّ ما ذكره ليس بصواب بل أقرب إليه ، وهذا ليس غرضه ، فإنّه قد أصرّ على ما أفاده أسس بنيانه على القطع والجزم بأنّه صواب.
ويمكن الجواب عنه بأنّ (أفعل) هنا لم يقصد منه التّفضيل ، وإنّما المراد به القريب إلى الصّواب ، فلا مجال للاعتراض الأوّل ، هذا وإن كان على خلاف الظّاهر إلّا أنّه لا مانع من الحمل عليه عند وجود قرينة ، وهي في المقام سبق النّظر منه على السّكّاكي ، وإنّ المراد من القريب إلى الصّواب كونه إيّاه ، وهذا التّعبير ليس بغريب ، فإنّه كثيرا ما يراد من القرب إلى الشّيء كونه نفسه ، كما في قوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(١) ، فإنّ العدل هو التّقوى ، وهذا أيضا وإن كان على خلاف الظّاهر إلّا أنّه لا مانع من الحمل عليه لوجود قرينة ناطقة به ، وهو إصرار المصنّف على صحّة ما بيّنه.
(١) خرج بقوله : «المقبول» ، الإخلال والتّطويل والحشو مفسدا أو غير مفسد ، فإنّ هذه وإن كانت طرقا للتّعبير عن المراد إلّا أنّها غير مقبولة ، وحاصل ما ذكره الشّارح صريحا وما أشار إليه المصنّف منطوقا ومفهوما ، أنّ هنا ستّة طرق ، لأنّ المراد إمّا أنّ يؤدّي بلفظ مساو له أولا ، والثّاني إمّا أن يكون ناقصا عنه ، أو زائدا عليه ، والنّاقص إمّا واف أو غير واف ، والزّائد إمّا لفائدة أولا ، والثّاني إمّا الزّائد فيه معلوم وإمّا غير معلوم ، فهذه ستّة طرق ، المقبول منها ثلاثة ، وهي ما أدّى بلفظ مساو أو بناقص مع الوفاء ، أو بزائد لفائدة ، والثّلاثة الباقية مردودة ، سيّما الأخير إذا كان مشتملا على إيهام خلاف المقصود ، وتسمّى الطّرق المقبولة بالإيجاز والمساواة والإطناب ، وغير المقبولة بالإخلال والتّطويل والحشو.
(٢) أي أصل المراد ، والإضافة بيانيّة ، أي تأدية الأصل الّذي هو المراد.
(٣) إنما زاد لفظ الأصل للإشارة إلى أنّ المعتبر والمقيس عليه في المساواة والإيجاز والإطناب هو المعنى الأوّل اللّغوي ، الّذي يدلّ عليه اللّفظ وضعا بالمطابقة ، لا مطلق المراد ، فإنّه يختلف باختلاف المتكلّمين والمقامات ، فلا وجه لجعله مقيسا عليه ، كما أن مطلق الكلام كذلك ، والمعنى اللّغوي المطابقي هو الّذي يبرزه الأوساط غالبا بالألفاظ الدّالّة عليه
__________________
(١) سورة المائدة : ٨.