موجود فيهما (١) ، والموجود (٢) في العقلي إنّما يدرك بالعقل دون الحسّ ، إذ المدرك بالحسّ لا يكون إلّا جسما (٣) ، أو قائما بالجسم (٤).
[والعقلي] من وجه الشّبه [أعمّ] (٥) من الحسّي [لجواز أن يدرك بالعقل من الحسّي شيء] أي يجوز أن يكون طرفاه حسّيّين ، أو عقليّين ، أو أحدهما حسّيّا ، والآخر عقليّا ، إذ لا امتناع في قيام المعقول بالمحسوس (٦) وإدراك (٧) العقل من المحسوس شيئا [ولذلك (٨) يقال التّشبيه بالوجه العقلي أعمّ] من التّشبيه بالوجه الحسّي ، بمعنى (٩)
________________________________________
(١) أي في الطّرفين ، وهما المشبّه والمشبّه به.
(٢) أي الوصف الموجود من وجه الشّبه في الطّرف العقلي إنّما يدرك بالعقل لا بالحسّ الظّاهر كالعين والبصر مثلا ، وذلك فإنّ إدراك الأمر العقلي بالحواسّ محال ، فإدراك أوصافه بالحواسّ أيضا محال ، لأنّ أوصاف العقلي لا تكون إلّا عقليّة.
(٣) هذا بناء على قول أهل السّنّة.
(٤) هذا بناء على قول الحكماء والمتكلّمين حيث إنّ الحواسّ لا تدرك الأجسام ، بل تدرك الأعراض القائمة بها ، فأوفى كلامه ، أو قائما بالجسم للتّنويع ، وللإشارة إلى الخلاف.
فمعنى العبارة أنّ المدرك بالحسّ لا يكون إلّا جسما ، أو عرضا قائما بالجسم ، وعلى كلا القولين لا يمكن أن يدرك بالحسّ ، ما هو قائم بالأمر العقلي.
(٥) أي يجوز أن يكون طرفاه عقليّين ، وأن يكونا حسيّين ، وأن يكون أحدهما حسّيا والآخر عقليّا.
(٦) أي لا امتناع في اتّصاف المحسوس بالمعقول ، كاتّصاف زيد مثلا بالعلم ، والإيمان ، والجهل ، والشّجاعة ، والكرم ، وغير ذلك.
(٧) مصدر مضاف إلى فاعله ، وشيئا بعده مفعوله ، وذلك كإدراك العقل من زيد المحسوس الحيوان النّاطق.
(٨) أي لأجل كون وجه الشّبه العقليّ أعمّ من وجه الشّبه الحسّي باعتبار الطّرفين كما عرفت ، «يقال» إنّ التّشبيه بالوجه العقلي أعمّ من التّشبيه بالوجه الحسّي.
(٩) أشار الشّارح بهذا التّفسير إلى أنّ العموم هنا باعتبار التّحقق ، أي أنّ كلّ طرفين يتحقّق فيهما التّشبيه بوجه حسّي يتحقّق فيهما بوجه عقلي ، وليس كلّ طرفين يتحقّق فيهما التّشبيه