قال عبد القاهر : هي] أي الواو [فيهما للعطف (١)] لا للحال ، إذ ليس المعنى (٢) قمت صاكّا وجهه ، ونجوت راهنا مالكا بل المضارع (٣) بمعنى الماضي و [الأصل] قمت [وصككت] ونجوت [ورهنت ، عدل (٤) عن لفظ الماضي إلى] لفظ [المضارع حكاية للحال] الماضية ، ومعناها (٥) أن يفرض ما كان في الزّمان الماضي واقعا في هذا الزّمان ، فيعبّر عنه (٦) بلفظ المضارع [وإن كان] الفعل مضارعا [منفيّا فالأمران] جائزان الواو وتركه ، [كقراءة ابن ذكوان : فاستقيما ولا تتبعآن (١) بالتّخفيف (٧)] أي بتخفيف نون ، ولا تتبعآن فيكون لا للنّفي دون النّهي (٨) ، لثبوت النّون الّتي هي علامة الرّفع ،
________________________________________
(١) هذا إشارة إلى الجواب الثّالث ، وحاصل هذا الجواب الثّالث أنّ الواو في المثالين للعطف لا للحال ، كي يرد الإشكال.
(٢) أي ليس المعنى قمت صاكّا ، في المثال الأوّل ، ونجوت راهنا مالكا ، في المثال الثّاني ، كي يلزم الشّذوذ والضّرورة ، أو حذف المبتدأ.
(٣) قوله : «بل المضارع بمعنى الماضي» ، جواب عن سؤال مقدّر تقريره : أنّ العطف لا يؤدّي إلى ما هو المقصود من الكلام ، وهو وقوع القيام والصّك في زمان واحد بخلاف فرض الحاليّة ، فإنّها مفيدة لذلك لاشتراط اتّحاد زمان الحال وزمان العامل.
والجواب إنّ المراد بالمضارع هنا هو الماضي فيتّحدان زمانا ، وإن اختلفا لفظا.
(٤) أي إنّما عدل في المعطوف عن لفظ الماضي إلى لفظ المضارع حكاية للحال الماضية.
(٥) أي معنى الحكاية للحال الماضية «أن يفرض ...» ، مبني للمفعول ، وإنّما يرتكب هذا الفرض في الأمر الماضي المستغرب ، كأنّه يحضره للمخاطب ، ويصوّره ليتعجّب منه ، كما تقول : رأيت الأسد ، فأخذ السّيف فاقتله.
(٦) أي ما كان في الزّمان الماضي يعبّر عنه بلفظ المضارع ، لأنّه يدلّ على الحضور ، وزمان الحال.
(٧) أي بتخفيف النّون في قوله تعالى : (فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ).
(٨) لأنّ اللا النّاهية تسقط النّون الّتي هي علامة الرّفع ، فثبوت النّون دليل على أنّ لا للنّفي دون النّهي ، فلا يصحّ عطف (وَلا تَتَّبِعانِ) حينئذ على الأمر قبله ، أعني قوله :
__________________
(١) سورة يونس : ٨٩.