لم يعطف رحمهالله على مات ، لأنّه إنشاء معنى ، ومات خبر معنى ، وإن كانتا جميعا خبريّتين لفظا ، [أو لأنّه] عطف على ـ لاختلافهما ـ والضّمير (١) للشّان [لا جامع بينهما كما سيأتي] بيان الجامع (٢) فلا يصحّ العطف في مثل زيد طويل وعمرو نائم. [وأمّا كمال الاتّصال (٣)] بين الجملتين [فلكون الثّانية مؤكّدة للأولى (٤)] تأكيدا معنويّا (٥)
________________________________________
وبعبارة أحرى : لم يعطف «رحمهالله» على «مات فلان» ، لأنّ «رحمهالله» إنشاء معنى ، «ومات فلان» خبر لفظا ومعنى ، وكذا لا يصحّ العطف في نحو : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) ، اتّق الله أيّها العبد ، فإنّهما وإن كانتا إنشائيّتين صورة ، لكنّ الأولى خبريّة معنى ، لأنّ الهمزة للإنكار ، فمعناها : الله كاف عبده ، ولم يمثّل المصنّف بما يكون لفظهما معا إنشاء وهما مختلفان معنى ، كالمثال الّذي ذكرناه لقلّة وجوده.
(١) أي الضّمير في لأنّه للشّأن ، فمعنى العبارة يحصل كمال الانقطاع لأجل اختلافهما خبرا وإنشاء ، أو لأنّ الشّأن فيهما «لا جامع بينهما» وإن كانتا موافقتين من حيث الخبريّة والإنشائيّة معنى.
(٢) أي الجامع الّذي يكون بحيث إذا انتفى يتحقّق كمال الانقطاع بين الجملتين مماثل للجامع الّذي سيأتي بيانه عند تفصيله وتقسيمه إلى عقليّ ووهميّ وخياليّ ، ثمّ إنّ ما لا يصلح فيه العطف لانتفاء الجامع ، إمّا لانتفاء الجامع بالنّسبة إلى المسند إليهما فقطّ ، كقولك : زيد طويل وعمرو قصير ، حيث لا جامع بين زيد وعمرو من صداقة وغيرها ، وإن كان بين الطّول والقصر جامع التّضادّ ، وإمّا لانتفائه عن المسندين فقطّ ، كمثال الشّارح ، أي زيد طويل وعمرو نائم عند فرض الصّداقة بين زيد وعمرو ، وإمّا لانتفائه عنهما معا ، نحو : زيد قائم والعلم حسن.
(٣) أي الّذي إذا وجد بين الجملتين يمنع من العطف بالواو ، إذ عطف إحداهما على الأخرى ، كعطف الشّيء على نفسه ، وأمّا غير الواو فلا يضرّ العطف به ، كما هو المفهوم من كلام المصنّف.
(٤) أو بدلا عنها ، أو بيانا لها فيتحقّق ذلك الكمال بين الجملتين لأجل الأمور المذكورة.
(٥) أي بأن يختلف مفهومهما ، ولكن يلزم من تقرّر معنى إحداهما تقرّر معنى الأخرى ، والمراد تأكيدا معنويّا لغة ، وإلّا فالتّأكيد المعنويّ في الاصطلاح إنّما يكون بألفاظ معلومة ،