الملزوم (١) إلّا أنّ إرادة المعنى الموضوع له جائزة في الكناية دون المجاز (٢). [وقدّم (٣)] المجاز [عليها] أي على الكناية [لأنّ معناه] أي المجاز [كجزء معناها] أي الكناية ، لأنّ معنى المجاز هو اللّازم فقطّ (٤) ومعنى الكناية يجوز أن يكون هو اللّازم والملزوم جميعا (٥) والجزء مقدّم على الكلّ طبعا (٦) ، فيقدّم بحث المجاز على بحث الكناية وضعا (٧) وإنّما قال : كجزء معناها (٨) لظهور أنّه ليس جزء معناها حقيقة ، فإنّ معنى الكناية ليس هو مجموع اللّازم والملزوم ، بل هو اللّازم مع جواز إرادة الملزوم.
________________________________________
(١) وذلك لما ذكرنا من جواز أن يكون اللّازم أعمّ من الملزوم ، والعامّ لا إشعار له بأخصّ معيّن ، فلا يصحّ أن ينتقل منه إليه.
(٢) وحاصل الفرق بين الكناية والمجاز بعد اشتراكهما في احتياج كلّ منها إلى القرينة ، بأنّ القرينة في المجاز مانعة ، وفي الكناية ليست بمانعة.
(٣) أي قدّم المجاز على الكناية في البحث والتّبويب ، وهذا جواب عمّا يقال من أنّ إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في الوضوح إنّما يتأتّى بالدّلالة العقليّة ، وهي منحصرة هنا في المجاز والكناية ، فيكون المقصود من الفنّ منحصرا فيهما ، وحينئذ فهما مستويان في المقصوديّة من الفنّ ، فلأيّ شيء قدّم المجاز عليها في الوضع والبحث ، وهلّا عكس الأمر ، ثمّ قوله : «قدّم» ، مبني للمفعول.
(٤) وذلك لقيام قرينة على عدم إرادة الملزوم بخلاف الكناية ، حيث يجوز أن يكون المراد بها اللّازم والملزوم جميعا.
(٥) أي وإن كان المقصود بالأصالة اللّازم ، فلا يلزم استعمال اللّفظ في الأكثر على نحو ممنوع.
(٦) لأنّ الكلّ متوقّف على الجزء في الوجود ، بمعنى أنّه لا يوجد إلّا مع وجود طبيعة الجزء لتركّبه منها ومن غيرها ، ولذا يحكم العقل بأنّ الجزء من شأنه أن يتقدّم في نفس الأمر على الكلّ ، وذلك معنى التّقدّم الطّبيعي.
(٧) أي ليحصل التّطابق بين الطّبع والوضع.
(٨) أي ولم يقل لأنّ معناه جزء معناها ، لظهور أنّ المجاز ليس جزء معنى الكناية ، لأنّها ليست مركّبة حقيقة كي يكون المجاز جزء معناها.