فقال : [الجامع بين الشّيئين (١) إمّا عقليّ] وهو (٢) أمر بسببه يقتضي العقل اجتماعهما (٣) في المفكّرة ، وذلك (٤) [بأن يكون بينهما اتّحاد في التّصوّر (٥)
________________________________________
والحاصل إنّ المصنّف إنّما عدل عن الجملتين إلى الشّيئين ، لأنّ الجامع يجب في المفردات أيضا ، فنبّه على أنّ ما ذكره لا يخصّ الجملتين ، وعدل عن تصوّر إلى التّصوّر ، لأنّ المتبادر منه كفاية الاتّحاد في متصوّر واحد ، فعدل للمعرّف ليفيد أنّ الجامع الاتّحاد في جنس المتصوّر ، ولا يكفي الاتّحاد في متصوّر واحد.
(١) أي بين كلّ شيئين من الجملتين ، فأل للاستغراق ، فيستفاد منه اشتراط وجود الجامع بين كلّ ركنين من أركانهما.
(٢) أي الجامع العقليّ أمر ، أي كالاتّحاد في التّصوّر والتّماثل.
(٣) أي اجتماع الشّيئين ، أي اجتماع معناهما في المفكّرة ، وهي الآخذة من الوهم والحسّ المشترك لتتصرّف في ذلك المأخوذ منهما بالتّركيب فيه ، والحلّ على وجه الصّحّة أو البطلان ، كما مرّ وأنت خبير بأنّ الّذي أوجب الجمع عند المفكّرة ، وهو قوّة العقل المدركة بسبب الاتّحاد أو التّماثل مثلا ، فلذا يسمّى كلّ منهما جامعا عقليّا.
والحاصل : إنّ القوّة العاقلة هي الّتي تجمع بين الشّيئين في المفكّرة بسبب هذا الأمر ، فتتصرّف فيهما المفكّرة حينئذ بما تتصرّف به ، وعلى هذا فتسمية الاتّحاد في التّصوّر مثلا جامعا عقليّا لكونه سببا في جمع العقل بين الشّيئين ، فعلم من هذا أنّ الجامع العقليّ هو السّبب في جمع العقليّ ، سواء كان مدركا بالعقل لكونه كلّيّا أو مضافا لكلّي أو مدركا بالوهم ، بأن كان جزئيّا لكونه مضافا لجزئيّ ، وليس المراد بالجامع العقليّ ما كان مدركا بالعقل.
(٤) أي الجامع العقليّ «بأن يكون» أي يتحقّق بوجود الاتّحاد أو التّماثل بينهما من تحقّق الجنس في النّوع ، كما يقال : يوجد الحيوان بوجود الإنسان.
(٥) أي عند تصوّر العقل لهما ، وذلك إذا كان الثّاني هو الأوّل نحو : زيد كاتب وهو شاعر ، ولا يضرّ اختلاف الجامع ، فإنّه في المسند إليه عقليّ ، وفي المسندين خياليّ ، وهو تقارن الشّعر والكتابة ، والمراد بالتّصوّر هو التّصوّر المفرد الواقع في الجملتين ، أي في تصوّر المسند إليه أو المسند أو قيد من قيودهما ، كالصّفة أو الحال أو التّمييز أو الظّرف أو غيرها.