رأى المصنّف إذ المراد بالأظفار (١) ههنا معناها الحقيقي على ما سيجيء ، فالتّشبيه الاصطلاحي هو الدّلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى لا على وجه الاستعارة التّحقيقيّة ، والاستعارة بالكناية والتّجريد [فدخل فيه (٢) نحو قولنا : زيد أسد] بحذف أداة التّشبيه [و] نحو [قوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) بحذف الأداة والمشبّه جميعا ، أي هم كصمّ (٣) فإنّ (٤)
________________________________________
(١) أي عند المصنّف ، وحينئذ فالتّجوّز إنّما هو الإسناد فالتّخييليّة على رأي المصنّف مجاز عقليّ ، ولذا لم يخرجها ، وأمّا عند السّكّاكي فالتّجوّز في نفس الأظفار ، فهي داخلة في الجنس ، وهو الدّلالة المذكورة ، فلو حذف قوله : «التّحقيقيّة» وما بعدها ، واقتصر على قوله : «على وجه الاستعارة» كان أخصر وأشمل لدخول التّخييليّة عند السّكّاكي ، وقول الشّارح : «على ما يسجى» إشارة إلى ما يأتي من الخلاف بين السّكاكي وغيره.
(٢) أي في التّشبيه الاصطلاحي ، أي فدخل في تعريف التّشبيه الاصطلاحي ما يسمّى تشبيها بلا خلاف ، وهو ما ذكر فيه أداة التّشبيه ، نحو : زيد كالأسد ، وما يسمّى تشبيها على القول المختار ، وهو ما حذف فيه أداة التّشبيه ، وجعل المشبّه به خبرا عن المشبّه ، أو في حكم الخبر ، سواء كان مع ذكر المشبّه أو مع حذفه ، فالأوّل نحو قولنا : زيد أسد ، والثّاني نحو قوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)(١) ، وهذه الآية سيقت لذمّ المنافقين ، أي هؤلاء المنافقون صمّ لا يسمعون الحقّ ، بكم لا ينطقون به ، عمي لا يبصرونه ، فهم لا يرجعون عن ضلالتهم وكفرهم الباطني ، وإنّما شبّههم الله بالصّمّ لأنّهم لا يحسنوا الإصغاء إلى أدلّة الله تعالى ، فكأنّهم صمّ ، ولم يقروا بالله ورسوله فكأنّهم بكم ، ولم ينظروا إلى ما يدلّ على توحيده ونبوّة نبيّه ، فكأنّهم عمي ، إذ لم تصل منفعة هذه الأعضاء إليهم ، فكأنّهم ليس لهم هذه الأعضاء. والشّاهد : هو حذف الأداة والمشبّه معا.
(٣) كان في الأصل هم كصم بكم عمي.
(٤) علّة لدخول ما ذكر من المثال والآية في التّعريف حيث إنّ المحقّقين كالشّيوخ الأربعة ، أي عبد القاهر والسّكّاكي والزّمخشري والقاضي حسين الجرجاني ، قالوا بأنّ ما ذكر من المثالين ، أي زيد أسد ، و (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) تشبيه بليغ ، لا استعارة ، والمراد بالتّشبيه البليغ أن يحمل المشبّه به على المشبّه.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨.