وفيه (١) نظر ، لأنّ اعتبار هذا الحذف رعاية لأمر لفظي لا يفتقر إليه في تأدية أصل المراد (٢) حتّى لو صرّح به (٣) لكان إطنابا (٤) بل تطويلا (٥) وبالجملة (٦) لا نسلّم أنّ لفظ الآية والبيت ناقص عن أصل المراد.
[والإيجاز
ضربان (٧) ،
________________________________________
(١) أي في هذا القيل نظر ، لأنّ اعتبار هذا الحذف في الآية والبيت «لأمر لفظي» ، المراد بالأمر اللّفظي ما لا يتوقّف إفادة المعنى عليه في الاستعمال ، وإنّما جرّ إلى تقديره مراعاة القواعد النّحويّة الموضوعة لسبك تراكيب الكلام ، وسمّي ذلك أمرا لفظيّا لعدم توقّف تبادر المعنى المقصود على تقديره.
(٢) لأنّ معنى المستثنى منه مفهوم من الكلام ، وكذلك الجزاء معناه مفهوم من المصراع الأوّل بلا حاجة إلى التّقدير ، فالتّقدير في كلّ منهما لأمر لفظي لا لتوقّف أصل المراد عليه.
(٣) أي بالمحذوف.
(٤) أي إن كان لفائدة.
(٥) أي إن لم يكن فيه فائدة أصلا ، والمراد بالتّطويل التّطويل بالمعنى اللّغوي ، أي الزّائد لا لفائدة ، وإن كان متعيّنا فاندفع ما يقال إنّ الأولى أن يقول : بل حشوا ، لأنّ الزّائد متعيّن.
(٦) أي أقول قولا ملتبسا بالجملة ، أي بالإجمال ، أي أقول قولا مجملا بأنّ لفظ الآية والبيت لا يكون ناقصا عن أصل المراد كي يخرج عن المساواة.
(٧) أي الإيجاز من حيث هو الإيجاز على ضربين ، وذلك لأنّ اللّفظ قد ينظر فيه إلى كثرة معناه بدلالة الالتزام من غير أن يكون في نفس التّركيب حذف ، ويسمّى بهذا الاعتبار إيجاز القصر ، لوجود الاقتصار في العبارة مع كثرة المعنى ، وقد ينظر فيه من جهة أنّ التّركيب فيه حذف ، ويسمّى إيجاز الحذف.
والفرق بين إيجاز الحذف والمساواة ظاهر ، وكذا الفرق بين مقاميهما ، لأنّ مقام المساواة هو مقام الإتيان بالأصل ، ولا مقتضى للعدول عنه ، ومقام الإيجاز المذكور هو مقام حذف أحد المسندين ، أو المتعلّقات.
وأمّا الفرق بين إيجاز القصر والمساواة وبين مقاميهما ، فهو أنّ المساواة ما جرى به عرف