معنى الجملة الأولى [للتّأكيد (١)] ، فهو أعمّ من الإيغال (٢) ، من جهة أنّه يكون في ختم الكلام وغيره ، وأخصّ من جهة أنّ الإيغال قد يكون بغير الجملة ولغير التّأكيد.
[وهو] أي التّذييل [ضربان : ضرب لم يخرج (٣) ، مخرج المثل] بأن (٤) لم يستقلّ بإفادة المراد ،
________________________________________
(١) أي لقصد التّوكيد بتلك الجملة الثّانية عند اقتضاء المقام للتّوكيد والمراد به هنا التّوكيد بالمعنى اللّغوي أي التّقويّة.
(٢) أي عموما من وجه ، والحاصل إنّ النّسبة بين الإيغال والتّذييل ، هي العموم والخصوص فيجتمعان فيما يكون في ختم الكلام لنكتة التّأكيد بجملة ، كما يأتي في قوله تعالى : (جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ)(١) فهو إيغال من جهة أنّه ختم الكلام بما فيه من نكتة يتمّ المعنى بدونها ، وتذييل من جهة أنّه تعقيب جملة بأخرى تشتمل على معناها للتّأكيد ، وينفرد الإيغال فيما يكون بغير جملة لغير التّأكيد ، كما تقدّم في قوله : الجزع الّذي لم يثقّب ، وينفرد التّذييل فيما يكون في غير ختم الكلام للتّأكيد بجملة ، كقولك : مدحت زيدا ، أثنيت عليه بما فيه فأحسن إليّ ، ومدحت عمرا ، أثنيت عليه بما ليس فيه ، فأساء إليّ.
وقد أشار إلى مادّة الاجتماع بقوله «من جهة أنّه يكون في ختم الكلام وغيره» أي بخلاف الإيغال فإنّه لا يكون إلّا في ختم الكلام ، وإلى مادّة الافتراق من جانب التّذييل بقوله «وأخصّ من جهة أنّ الإيغال قد يكون بغير الجملة لغير التّأكيد» ، والأنسب أن يقول : وأخصّ من جهة أنّه لا يكون إلّا بالجملة وللتّأكيد ، بخلاف الإيغال فإنّه قد يكون بغير جملة كالمفرد ، وقد يكون لغير التّأكيد ، وإنّما كان هذا أنسب ، لأنّ الكلام في التّذييل لا في الإيغال.
(٣) أي لم يجر مجرى المثل ، وهو كلام تامّ دالّ على حكم كلّي نقل عن أصل استعماله لكلّ ما يشبه المعنى الأوّل حال الاستعمال الأوّل.
(٤) وعلم من هذا التّفسير أنّ المثل هو الّذي يستقلّ بنفسه في إفادة المعنى من غير نظر إلى شيء آخر.
__________________
(١) سورة سبأ : ١٧.