[وقد يحذف صدر الاستئناف (١) فعلا (٢) كان أو اسما (٣) [نحو : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) وَأَنْكِحُوا)(١) (٤) فيمن قرأها مفتوحة الباء] كأنّه قيل من يسبّحه فقيل : رجال ، أي يسبّحه رجال [وعليه (٥) نعم الرّجل زيد] أو نعم رجلا زيد [على قول] أي على قول من يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف ، أي هو زيد ، ويجعل الجملة
________________________________________
(١) أي قد يحذف صدر الجملة المستأنفة ، ولا يخفى أنّ هذا الحذف لا يختصّ بالصّدر ، فإنّه قد يحذف الذّيل ، كما في نعم الرّجل زيد ، حيث كان في الأصل : نعم الرّجل زيد هو ، بناء على قول من يجعل المخصوص مبتدأ ، والخبر محذوفا ، فعليه كان على المصنّف أن يقول : وقد يحذف بعض الاستئناف ، ولعله لم يتعرّض له لقلّته في كلامهم ، أو لضعف القول المذكور في المثال عنده.
(٢) أي ذلك الصّدر المحذوف فعلا ، كما في الآية.
(٣) أي كان ذلك الصّدر اسما ، كما في المثال الآتي ، ومنه ما تقدّم من قوله : سهر دائم وحزن طويل ، حيث كان في الأصل هو سهر دائم.
(٤) وقبله (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ) أي (يُسَبِّحُ) مبنيّ للمفعول ، (لَهُ) جار ومجرور نائب فاعل ل (يُسَبِّحُ) والمراد بال (بِالْغُدُوِّ) هو الفجر والصّباح ، والمراد ب (وَالْآصالِ) المغرب.
وقوله تعالى : (فِيهَا) أي في البيوت ، والمراد بها المساجد ، أي يسبّح لله في المساجد.
والشّاهد في الآية : حذف صدر الاستئناف ، وكان في الأصل يسبّح رجال ، فالرّجال فاعل ل (يسبّح) المحذوف.
(٥) أي على حذف صدر الاستئناف يحمل قوله : «نعم الرّجل زيد ، أو نعم رجلا زيد» على قول من يجعل المخصوص بالمدح خبر مبتدأ محذوف ، أي هو زيد ، أي دون قول من يجعل المخصوص مبتدأ وحذف خبره ، أي زيد هو ، إذ حينئذ فيكون الاستئناف محذوف العجز والذّيل ، لا محذوف الصّدر الأوّل ، ودون قول من يقول : إنّ المخصوص مبتدأ وخبره الجملة قبله ، أو أنّه بدل ، أو عطف بيان عن فعل المدح ، أو فعل الذّمّ ، فإنّه على هذه التّقادير لا حذف أصلا ، ولا يكون في الكلام استئناف ، ولهذا غيّر الأسلوب ، وقال : «وعليه» ولم يقل : نحو :
__________________
(١) سورة النّور : ٣٦.