لتوقّف (١) الفهم على العلم بالوضع ، مثلا إذا قلنا : خدّه يشبه الورد ، فالسّامع إن كان عالما بوضع المفردات (٢) والهيئة التّركيبيّة (٣) امتنع (٤) أن يكون كلام آخر يؤدّي هذا المعنى بطريق المطابقة دلالة أوضح أو أخفى.
________________________________________
(١) أي لتوقّف فهم المعنى المعبّر عنه بالدّلالة على العلم بالوضع ، وفي كلامه إشعار بأنّ المراد بالدّلالة فهم المعنى من اللّفظ ، لا كون اللّفظ بحيث يفهم من المعنى ، لأنّ هذه الحيثيّة ثابتة للّفظ بعد العلم بوضعه وقبله ، ولا تكون منتفية على تقدير انتفاء العلم بالوضع ، كما هو ظاهر ، وعليه فلا يرد عليه أنّ الموقوف على العلم بالوضع ، فهم المعنى بالفعل ، والدّلالة كون اللّفظ بحيث يفهم منه المعنى ، وهذه الحيثيّة ثابتة للّفظ بعد العلم وقبله ، ولا تكون منتفية على تقدير انتفاء العلم به ، ووجه عدم الورود أن المراد بالدّلالة المستفادة من دالا في قوله : وإلّا لم يكن كلّ واحد دالا عليه ، فهم المعنى من اللّفظ بالفعل ، لا كون اللّفظ بحيث يفهم منه المعنى ، فصحّ حينئذ تعليله لتوقّف الفهم على العلم بالوضع.
(٢) بأن يعرف أنّ الخدّ موضوع للعضو المخصوص ، والورد موضوع للنّبت المعلوم ، ويشبه موضوع للمعنى المعلوم.
(٣) بأن يعرف أنّ الهيئة التّركيبيّة موضوعة نوعا لثبوت المسند إليه.
(٤) جواب إن في قوله «إن كان عالما ...» ، و «كلام» اسم «يكون» ، وجملة «يؤدي» خبره ، والمعنى امتنع أن يوجد كلاما مؤدّيّا هذا المعنى بدلالة المطابقة دلالة أوضح ، أو أخفى ، أي أوضح أو أخفى من دلالة قولنا : خده يشبه الورد لوجه فيه ما أشرنا إليه أنفا من أن انتقال الذّهن من اللّفظ إلى المعنى المطابقي يتوقّف على الوضع والعلم به والسّماع والتّلفّظ ، والمجموع من هذه الأمور الأربعة علّة تامّة لخطور المعنى في الذّهن ، فما أشرنا إليه أنفا من أنّ انتقال الذّهن من اللّفظ إلى المعنى المطابقي يتوقّف على الوضع والعلم به ، والسّماع والتّلفّظ ، والمجموع من هذه الأمور الأربعة علّة تامّة لخطور المعنى في الذّهن ، فإذا وجد وجد الانتقال فحينئذ لا يعقل الوضوح والخفاء في الألفاظ المترادفة الدّالة بالمطابقة على معنى واحد ، لأنّها بعد تحقّق العلّة التامّة متساويّة الإقدام في الدّلالة على المعنى بالضّرورة.