أي على ذلك المعنى بأن يكون بعض الطّرق واضح الدّلالة عليه وبعضها أوضح ، والواضح (١) خفيّ بالنّسبة إلى الأوضح ، فلا حاجة إلى ذكر الخفاء ، وتقييد (٢) الاختلاف بالوضوح ليخرج معرفة إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في اللّفظ. والعبارة (٣) ،
________________________________________
التّشبيه زيد كالبحر في السّخاء ، وزيد كالبحر ، وزيد بحر ، وأظهرها ما صرّح فيه بوجه الشّبه ، كالأوّل وأخفاها ما حذف فيه الوجه والأداة معا ، كالأخير فيخاطب بكلّ من هذه الأوجه الكائنة من هذه الأبواب ، بما يناسب المقام من الوضوح والخفاء ، انتهى ما في الدّسوقي مع تصرف ما.
(١) هذا جواب عن سؤال مقدّر ، وهو أن يقال : إنّ اختلاف الطّرق لا بدّ من تقييده من ذكر الخفاء أيضا ، فعلى المصنّف أن يقول بطرق مختلفة في وضوح الدّلالة عليه وخفائها ، لأنّ الاختلاف إنّما يتحقّق بوضوح الدّلالة وخفائها ، لا بوضوحها فقطّ فكما لا بدّ من ذكر الوضوح ، فكذلك لا بدّ من ذكر الخفاء ، وحاصل الجواب أنّ الواضح خفيّ بالنّسبة إلى الأوضح ، فيتحقّق الاختلاف وحينئذ لا حاجة إلى ذكر الخفاء.
(٢) قوله : «وتقييد الاختلاف» مبتدأ ، وقوله : «ليخرج معرفة ...» خبره ، أي ليخرج عن كونها مشمولة لعلم البيان.
(٣) أي بأن تكون الطّرق مختلفة في اللّفظ والعبارة دون الوضوح والخفاء ، وذلك مثل إيراد المعنى الواحد بألفاظ مترادفة ، كالتّعبير عن الحيوان المفترس بالأسد ، والغضنفر ، واللّيث ، وكالتّعبير عن كرم زيد بقولنا : زيد كريم ، وزيد جواد ، فمعرفة إيراد المعنى المذكور بهذه الطّرق ليست من علم البيان ، وعطف «العبارة» على «اللّفظ» من عطف المرادف.
وحاصل الكلام في المقام :
أنّ تقييد المصنّف الاختلاف بوضوح الدّلالة مخرج لمعرفة إيراد المعنى الواحد بتراكيب مختلفة في اللّفظ متماثلة في الوضوح ، وذلك بأن يكون اختلافهما بألفاظ مترادفة ، إذ التّفاوت في الوضوح لا يتصوّر في الألفاظ المترادفة ، لأنّ الدّلالة فيها وضعيّة ، فلا يتحقّق الاختلاف إذا عرف المخاطب بوضعها.