واللّام في المعنى الواحد للاستغراق العرفي (١) أي كلّ معنى واحد يدخل تحت قصد المتكلّم وإرادته ، فلو (٢) عرف أحد إيراد معنى قولنا : زيد جواد ، بطرق مختلفة ، لم يكن بمجرّد (٣) ذلك عالما بالبيان ، ثمّ لما (٤) لم يكن كلّ دلالة قابلا للوضوح والخفاء أراد أن يشير (٥) إلى تقسيم الدّلالة وتعيين ما هو المقصود ههنا (٦) ،
________________________________________
(١) أي لا الاستغراق الحقيقي ، وذلك لامتناع الاستغراق الحقيقي ، فإنّ المعاني أمور غير متناهيّة ، والقوى البشريّة متناهية ، فلا يمكن لأحد أن يدركها بأسرها ، ويقتدر بإيرادها على طرق مختلفة. على أنّه ليس لبعض المعاني إلّا طريق واحد ، فلا معنى لإيراده بطرق مختلفة ، أو له طرق متساوية ، وعدم المعهود الخارجي ، وعدم صحّة العهد الذّهني ، لأنّه في المعنى كالنّكرة ، فيلزم كون كلّ من له ملكة إيراد معنى من المعاني في طرق مختلفة عالما بعلم البيان ، وهو باطل قطعا ، وعدم صحّة الجنس ، إذ يلزم أحد الأمرين على تقدير إرادته ، ويلزم الأمر الأوّل أعنى الامتناع على فرض تحقّق الجنس في جميع الأفراد ، ويلزم الثّاني أي كون كلّ من له ملكة ... على تقدير فرض وجود الجنس في الفرد الغير المعين ، فإذا لا بدّ من حمل اللّام على الاستغراق العرفي ، بأن يقال : المراد به كلّ معنى يتعلّق به قصد المتكلّم.
(٢) تفريع على كون اللّام للاستغراق العرفي ، أي فلو عرف أحد إيراد معنى واحد بطرق مختلفة من دون أن تكون له تلك الملكة لم يكن عالما بالبيان.
(٣) أي بل لا بدّ من معرفة إيراد كلّ معنى دخل تحت قصده وإرادته.
(٤) أي لما كان التّعريف مشتملا على ذكر الدّلالة ، ولم يكن كلّ دلالة قابلا للوضوح والخفاء ، بل منها ما لا يكون إلا واضحا ، كالدّلالة الوضعيّة ، ومنها ما يكون قابلا للوضوح والخفاء وهو العقليّة.
(٥) المراد بالإشارة ، أي أراد أن يذكر تقسيم الدّلالة ، والمقصود من ذكر هذا التّقسيم التّوصل إلى بيان ما هو المقصود ، فقوله : «وتعيين» عطف على التّقسيم ، عطف المسبّب على السّبب.
(٦) أي في هذا الفنّ.