يدخل داره أوّل الظهر ، فقال المولى لعبده : «أعط زيدا درهما عند دخوله في داره» وقال أيضا : «أعطه درهما أوّل الظهر» وقال أيضا : «أعطه درهما قبل أن يصلّي» إلى غير ذلك من العبائر ، لا يستفاد من جميع ذلك أزيد من كونه مكلّفا بإعطاء درهم ، فلو أعطاه درهما أوّل الظهر ، سقطت هذه الأوامر مطلقا إن كانت توصّليّة ، وكذا إن كانت تعبّديّة ، وتحقّق الإعطاء بقصد التقرّب وإن لم يكن ملتفتا حين الإعطاء إلّا إلى بعض هذه الأوامر ، بل وإن لم يكن ملتفتا إلى شيء منها ولكن أتى بالفعل برجاء كونه محبوبا للمولى.
هذا إذا لم تكن الخصوصيّات الواقعة في التعبير قيدا في المطلوب ، وإلّا فيتعدّد المأمور به ، فلا بدّ حينئذ إن كان التكليف تعبّديّا عند إرادة الاكتفاء بهذا الفرد الجامع لجميع العناوين من قصد امتثال جميع الأوامر ، وإلّا فلا يسقط إلّا ما نواه إذا عرفت ذلك ، فنقول : لا يستفاد من قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : «تنفّلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين» (١) بعد أن حدّد وقت صلاتهما بما بين العشاءين إرادة نافلة اخرى مغايرة لنافلة المغرب ، وقد عرفت في محلّه أنّه لم يثبت اعتبار خصوصيّة اخرى في نافلة المغرب زائدة عن كونها نافلة مشروعة في هذا الوقت ، فلا يستفاد من هذه الرواية إلّا استحباب مطلق النافلة في هذه الساعة ، فيتحقّق مصداقه بفعل نافلة المغرب. وكذا يتحقّق مصداق نافلة المغرب بفعل أربع ركعات بقصد كونها نافلة مسنونة في هذا الوقت ، فيسقط كلا الطلبين بتحقّق مصداقهما وإن لم يقصد بفعله إلّا امتثال الأمر الصادر من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، دون نافلة
__________________
(١) راجع الهامش (٤) من ص ٤٦.