الظهرين والعشاءين ، واشتراط صحّة الأخيرة من كلّ منهما بأن تترتّب على سابقتها ما لم يتضيّق وقتها ، كما يشهد لذلك (١) : المستفيضة المتقدّمة (٢) في صدر الكتاب ، الناطقة بأنّه «إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين : الظهر والعصر ، إلّا أنّ هذه قبل هذه ، وإذا غربت الشمس دخل وقت الصلاتين : المغرب والعشاء ، إلّا أنّ هذه قبل هذه» فإنّ مقتضاها بطلان العصر والعشاء لدى الإخلال بالترتيب ، حيث إنّ قضيّة كون هذه قبل هذه مع مشاركتهما في الوقت : عدم تنجّز التكليف بالأخيرة إلّا بعد الفراغ من الأولى ؛ لكونه مكلّفا بفعل الأولى أوّلا ثمّ بالثانية ، فلو أتى بالثانية ابتداء فقد أتى بها قبل أن يتنجّز أمرها ، فلا تصحّ.
ولا يقاس ذلك بالواجبين المتزاحمين اللّذين أحدهما أهمّ ، حيث التزمنا هناك بصحّة غير الأهمّ عند ترك الأهمّ ، بناء على مسألة الترتّب ، التي حقّقناها مرارا ؛ إذ لا ترتيب بين الواجبين المتزاحمين بالذات ، بل كلّ منهما في حدّ ذاته مطلوب في عرض الآخر بحيث لو فرض محالا تمكّن المكلّف من الإتيان بكليهما دفعة ، لوجب عليه ذلك ، فالمانع عن إيجاب غير الأهمّ ليس إلّا عدم القدرة على الامتثال ، الناشئ من مزاحمة الأهمّ ، المنتفية عند اختيار تركه بسوء اختياره ، فلا مانع عن وجوبه على هذا التقدير ، بل مقتضى إطلاق دليله : وجوبه ؛ حيث إنّ مزاحمة الأهمّ لا تقتضي إلّا تقييد إطلاق طلب غير الأهمّ بالقدرة على الامتثال ، الحاصلة في مثل الفرض ، كما تقدّم توضيحه في أواخر مبحث التيمّم (٣) ،
__________________
(١) في «ض ١٦» : «بذلك».
(٢) في ص ٨٢.
(٣) راجع ج ٦ ، ص ٣٧٩.