وأمّا مرسلة (١) سعيد وإن كان ظاهرها في بادئ الرأي هو الانحصار حيث قال : «وإنّما ذلك للمسافر والخائف ولصاحب الحاجة» لكنّها صدرت تعريضا على عامّة أهل الكوفة الذين كانوا لا يصلّون المغرب حتّى يغيب الشفق ، فأريد بالحصر قصر ما زعموه ـ من نفي الحرج في تأخيرها رأسا ـ في اولي الأعذار ، لا عدم جواز تأخيرها ولو على سبيل الكراهة.
وممّا يدلّ على جواز تأخيرها بالخصوص اختيارا ـ مضافا إلى ما عرفت ـ رواية عمر بن يزيد ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن وقت المغرب ، فقال : «إذا كان أرفق بك وأمكن لك في صلاتك وكنت في حوائجك فلك أن تؤخّرها إلى ربع الليل» فقال : قال لي وهو شاهد في بلده (٢).
وعنه أيضا قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أكون مع هؤلاء وأنصرف من عندهم عند المغرب ، فأمرّ بالمساجد فاقيمت الصلاة فإن أنا نزلت اصلّي معهم لم أستمكن من الأذان والإقامة وافتتاح الصلاة ، فقال : «ائت منزلك وانزع ثيابك وإن أردت أن تتوضّأ فتوضّأ وصلّ فإنّك في وقت إلى ربع الليل» (٣).
وعنه أيضا قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أكون في جانب المصر فتحضر المغرب وأنا اريد المنزل ، فإن أخّرت الصلاة حتّى اصلّي في المنزل كان أمكن لي وأدركني المساء أفاصلّي في بعض المساجد؟ فقال : «صلّ في منزلك» (٤).
__________________
(١) تقدّمت المرسلة في ص ١٦٤.
(٢) التهذيب ٢ : ٣١ / ٩٤ ، و ٢٥٩ ـ ٢٦٠ / ١٠٣٤ ، الاستبصار ١ : ٢٦٧ / ٩٦٤ ، الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب المواقيت ، ح ٨.
(٣) التهذيب ٢ : ٣٠ ـ ٣١ / ٩١ ، الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب المواقيت ، ح ١١.
(٤) التهذيب ٢ : ٣١ / ٩٢ ، الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب المواقيت ، ح ١٤.