فما هو المشهور من اعتبار ذهاب الحمرة ـ مع موافقته للأصل والاحتياط بوجه ـ هو الأقوى ، ولكنّ الأحوط عدم تأخير الظهرين عن استتار القرص وإن كان الأظهر ما عرفت.
وما عن جملة من متأخّري المتأخّرين وفاقا لبعض القدماء من تحديد الغروب بغيبوبة القرص ، وتنزيل الأخبار الأخيرة على أفضليّة التأخير ؛ جمعا بينها وبين ما يعارضها بشهادة قوله عليهالسلام في خبر عبد الله بن وضاح : «أرى لك أن تنتظر» (١) الحديث ، وخبر شهاب عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «يا شهاب إنّي احبّ إذا صلّيت المغرب أن أرى في السماء كوكبا» (٢) ضعيف ؛ لما عرفت من كون الأخبار الموافقة للعامّة في مثل هذه الموارد في حدّ ذاتها بمنزلة الكلام المحفوف بما يصلح أن يكون قرينة لإرادة خلاف ظاهره في عدم العبرة بظاهره ، أو وهنه وعدم صلاحيّته لصرف الأخبار المخالفة ـ المسوقة بظاهرها لبيان الحكم الواقعي ـ عن ظاهرها ، خصوصا مع ما في بعض تلك الأخبار المخالفة من الإيماء إلى وجه صدور الروايات الموافقة ، وكون جملة منها بمدلولها اللفظي حاكمة على جلّ تلك الروايات.
هذا ، مع أنّ جملة من هذه الروايات آبية عن هذا الحمل ، كمرسلة (٣) ابن أبي عمير ، وغيرها (٤) ممّا جعل فيها ذهاب الحمرة معرّفا لاستتار القرص ، فإنّها
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٥٣ ، الهامش (٢).
(٢) التهذيب ٢ : ٢٦١ / ١٠٤٠ ، الاستبصار ١ : ٢٦٨ / ٩٧١ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب المواقيت ، ح ٩.
(٣) تقدّمت في ص ١٤٩.
(٤) كخبري يزيد بن معاوية وعليّ بن أحمد بن أشيم ، المتقدّمين في ص ١٤٩.