اللهمّ إلّا أن نلتزم بحجّيّة أصالة الظهور من حيث هي ، لا لرجوعها إلى الاصول العدميّة ، كأصالة عدم القرينة أو أصالة عدم المقتضي لإظهار خلاف الواقع من تقيّة ونحوها ، وهو لا يخلو عن تأمّل.
فمن هنا يظهر أنّه لو كانت الطائفة الاولى من الأخبار الدالّة على دخول الوقت باستتار القرص سليمة عن المعارض ومخالفة المشهور ، لم يكن استكشاف الحكم الواقعي منها خاليا عن التأمّل فضلا عن صلاحيّتها ـ بعد إعراض المشهور ـ لمعارضة الأخبار الأخيرة المعتضدة بالشهرة ومغروسيّة مضمونها في أذهان الشيعة من صدر الشريعة ، خصوصا مع كون جملة من هذه الروايات ـ كمرسلة (١) ابن أبي عمير وغيرها ممّا وقع فيها تفسير الغروب وسقوط القرص باستتاره في الافق بحيث
لم يبق له أثر في ناحية المشرق ـ بمدلولها اللفظي حاكمة على جلّ تلك الروايات ممّا ورد فيها التحديد بسقوط القرص وغيبوبة الشمس ونحوهما ، وما يبقى منها ممّا لا يقبل هذا التأويل ممّا هو صريح الدلالة في الخلاف فهو في حدّ ذاته غير قابل لمعارضة هذه الروايات.
ولعلّ ما في الأخبار ـ التي تقدّمت الإشارة إليها ـ من جعل ذهاب الحمرة معرّفا لغيبوبة القرص لا حدّا بنفسه نشأ من معروفيّة التحديد بالغيبوبة لدى الناس بحيث لم يجد الأئمّة عليهمالسلام بدّا إلّا من الاعتراف به ، وتأويله إلى الحقّ.
فالأظهر عدم صلاحيّة الأخبار المتقدّمة لمعارضة الروايات الأخيرة وإن كثرت وصحّت أسانيدها.
__________________
(١) تقدّمت في ص ١٤٩.