حيث استظهر من كلامه حرمة الثانية ، لكونها تشريعا غير مأمور بها كالثالثة ، وإنّما الرخصة المستفادة من كلامه إنّما هي لمن لم تقنعه يعني لم تكفه المرّة الاولى في إكمال الغسل وإسباغه.
ولقد أطنب في تقريب الاستظهار بما لا يخفى ما فيه على من راجعه ، ونسب الغفلة إلى من نسب القول بالجواز إلى الكليني مستظهرا ذلك من عبارته المتقدّمة ، وكذا من نسب هذا القول إلى الصدوق مستظهرا له من قوله في الفقيه : «الوضوء مرّة مرّة ، ومن توضّأ مرّتين لم يؤجر ، ومن توضّأ ثلاثا أبدع» (١).
ثمّ تعجّب في ذيل كلامه ـ بعد أن أطال في تحقيق مرامه ، أعني استظهاره من العبارتين حرمة الغسلة الثانية ـ من الفضلاء المحقّقين الذين نسبوا القول بالجواز دون الحرمة إلى الكليني والصدوق ، حيث لم يمنعوا النظر في كلامهما حتى يصلوا إلى كنه مرامهما.
وأنت إذا أمعنت النظر ، لقضيت بوصول المحقّقين إلى كنه مرامهما على ما يظهر من هاتين العبارتين المتقدّمتين ، لأنّ التفصيل بين الثانية والثالثة قاطع للشركة ، فكيف ينسب القول بحرمة الثانية إليهما!؟
والمراد من الغسلة الثانية ـ على ما يشهد به ظاهر عبارتيهما ـ هي الغسلة التامّة الكاملة التي تجعل قسيما للأولى والثالثة ، فحمل الرخصة المستفادة من العبارتين على بيان جواز إكمال الغسلة الأولى بالثانية خلاف
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٩ ذيل الحديث ٩٢.