المتبادر من قوله عليهالسلام : «ثمّ صبّ على رأسه ثلاث أكفّ ثمّ على منكبه الأيمن مرّتين وعلى منكبه الأيسر مرّتين» (١) ليس إلّا إرادة غسل ما فوق المنكب بالماء الذي يصبّ على الرأس وغسل ما تحت المنكب بالماء الذي يصبّ على المنكب ، فكما لا يمنع عدم صدق المنكب على ما عدا الجزء المعهود من الاستفادة المذكورة كذلك لا يمنع عدم صدق الرأس حقيقة على الوجه والرقبة منها ، وحيث إنّ الإمام عليهالسلام أمر بصبّ الماء على المنكب لغسل الجزء الثاني والثالث من أجزاء الغسل يعلم من ذلك أنّ ابتداءهما إنّما هو المنكب ، لأنّ إرادة غسل الجزء العالي بالماء الذي أمر بصبّه على الجزء السافل غير صحيحة ما لم ينصب قرينة لكونه خلاف المتعارف ، فلا ينسبق إلى الذهن فيقبح إرادته من ذلك ، وهذا بخلاف إرادة غسله بالماء الذي يصبّ على الرأس.
وكيف كان فلا خفاء في ظهور مثل هذه الرواية في كون المنكب وما يسامته ابتداء الجزء الثاني ، وكذا لا تأمّل في انصراف مجموع الرأس والوجه والرقبة إلى الذهن من إطلاق الرأس عند جعله قسيما للجسد والجانبين ، ولذا فهم الأصحاب من أخبار الباب وجوب غسل الرقبة مع الرأس دون المنكبين. (ويسقط الترتيب بارتماسة واحدة) نصّا وإجماعا.
ففي صحيحة زرارة ، المتقدّمة (٢) «ولو أنّ رجلا جنبا ارتمس في
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٣ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ١٣٣ ـ ٣٦٨ ، الوسائل ، الباب ٢٦ من أبواب الجنابة ، الحديث ٢ و ٣.
(٢) في ص ٣٥٨.