مقيدين ، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ..»
فالتاعت أم سلمة ورفعت صوتها قائلة :
«وا عجبا فأين تذهب وأنت مقتول؟!!»
فاجابها الامام وهو ساخر من الموت وهازئ من الحياة قائلا :
«يا أماه إن لم أذهب اليوم ذهبت غدا ، وإن لم أذهب في غد ذهبت بعد غد ، وما من الموت بد ، واني لأعرف اليوم الذي أقتل فيه والساعة التي أقتل فيها ، والحفرة التي أدفن فيها كما أعرفك ، وانظر إليها كما انظر إليك» (١).
ولما عزم الامام على مغادرة مكة خف إليه عبد اللّه بن الزبير من باب المجاملة قال البلاذري : وانما أراد ابن الزبير بذلك لئلا يتهمه وان يعذر في القول فاظهر له الجنان والولاء قائلا :
«اين تذهب إلى قوم قتلوا أباك ، وطعنوا أخاك؟»
فقال (ع) :
«لئن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من تستحل بي ـ يعني مكة ـ (٢).
وأصر الامام على فكرته ، ولم يصده عنها عذل العاذلين ، واشفاق
__________________
(١) مقتل المقرم (ص ١٥٢) وذكر الخوارزمي ان هذا الحديث كان بين الحسين وبين ابن عمر في مكة ، وكان قد دعاه إلى المضي معه إلى المدينة.
(٢) تأريخ ابن عساكر ١٣ / ٦٧.