لقد ضاق صدره وسئم من الحياة حينما رأى الكواكب المشرقة من اخوته وابناء اخوته وعمومته صرعى مجزر بن على رمال كربلا فتحرق شوقا للالتحاق بهم والأخذ بثأرهم ، وطلب منه الامام أن يسعى لتحصيل الماء الى الاطفال الذين صرعهم العطش فاندفع الشهم النبيل نحو اولئك الممسوخين فجعل يعظهم ويحذرهم غضب اللّه ونقمته ، وخاطب ابن سعد قائلا :
«يا ابن سعد هذا الحسين بن بنت رسول اللّه (ص) قد قتلتم أصحابه وأهل بيته ، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء ، قد احرق الظمأ قلوبهم ، وهو مع ذلك يقول : دعوني اذهب إلى الروم أو الهند وأخلي لكم الحجاز والعراق».
وزلزلت الأرض تحت اقدامهم وودوا أن تخيس بهم ، وبكى بعضهم وساد عليهم صمت رهيب فانبرى إليه الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن فرد عليه قائلا :
«يا ابن أبي تراب لو كان وجه الأرض كله ماء وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة الا أن تدخلوا في بيعة يزيد».
وقفل أبو الفضل راجعا إلى أخيه فاخبره بعتو القوم وطغيانهم ، وسمع الأبي الشهم صراخ الأطفال وهم يستغيثون وينادون :
العطش العطش
الماء الماء
فرآهم ابو الفضل العباس ـ ويا لهول ما رأى ـ قد ذبلت شفاههم وتغيرت الوانهم وأشرفوا على الهلاك من شدة الظمأ ، فالتاع كأشد ما يكون الالتياع ، وسرى الألم العاصف في محياه ، واندفع ببسالة لإغاثتهم فركب