«اني أعيذك باللّه من ذلك ، اخبرني أتسير إلى قوم قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ، فان كان قد فعلوا سر إليهم وان كانوا انما دعوك وأميرهم ، عليهم ، قاهر لهم» وعمالهم تجبي بلادهم ، وتأخذ خراجهم فانما دعوك إلى الحرب ، ولا آمن عليك أن يغروك ، ويكذبوك ، ويخذلوك ويبيعوك فيكونوا أشد الناس عليك».
ولم تخف شيء من هذه النقاط الحساسة على الامام ، فقد كان على بصيرة من أمره فقال لابن عباس.
«اني استخير اللّه ، وانظر ما ذا يكون؟» (١)
وأحاطت بابن عباس موجات من القلق والاضطراب ، فلم يتمكن ان يهدأ اعصابه ، فراجع الامام ، وقال له :
«إني اتصبر ، ولا اصبر ، إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال ... ان أهل العراق قوم غدر فلا تقربهم ، أقم في هذا البلد فانك سيد أهل الحجاز ، فان كان أهل العراق يريدوك ـ كما زعموا ـ فاكتب إليهم فلينفوا عاملهم وعدوهم ، ثم أقدم عليهم ، فان أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن فان بها حصونا ، وشعابا وهي أرض عريضة طويلة ، ولأبيك بها شيعة ، وأنت عن الناس في عزلة ، فتكتب إلى الناس وترسل وتبث دعاتك فاني أرجو ان يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية ..».
واخبره الامام عن تصميمه على السفر ، وأنه قد بتّ به ، فقال له
__________________
(١) وسيلة المال في عد مناقب الآل (ص ١٨٧) من مصورات مكتبة امير المؤمنين ، وكذلك روى في الصراط السوي في مناقب آل النبي (ص ٢٨٥) للسيد محمود الشيخاني القادري ، من مصورات مكتبة الامام امير المؤمنين.