إن هلكت اليوم اطفأ نور الأرض فانك علم المهتدين ورجاء المؤمنين ، فلا تعجل بالسير فاني في أثر كتابي والسلام».
وأسرع ابن جعفر وهو خائر القوى ذاهل اللب إلى عمرو بن سعيد حاكم مكة فأخذ منه كتابا فيه أمان للحسين ، وجاء مسرعا إليه وكان معه يحيى بن سعيد بن العاص ، فعرض عليه الاقامة في مكة وعدم النزوح إلى العراق فلم يستجب الامام له ، وأخذ يتضرع إليه عبد اللّه ويتوسل في أن ينصرف عن نيته ، فقال الامام :
«اني رأيت رسول اللّه (ص) في منامي ، وأمرني بأمر لا بد أن انتهي إليه ..»
فسأله ابن جعفر عن الرؤيا ، فأبى أن يحدثه بها وقال له : «ما حدثت بها أحدا» وما أنا بمحدث بها حتى ألقى اللّه عز وجل» (١) وانصرف ابن جعفر وهو غارق بالأسى والشجون وأيقن بنزول الرزء القاصم وقد أمر ابنيه بمصاحبة خالهما الحسين.
وأسرع عبد اللّه بن عباس وهو حزين كثيب إلى الامام ، فقال له :
«إن الناس أرجفوا بأنك سائر إلى العراق ، فهل عزمت على شيء من ذلك؟».
«نعم قد أجمعت على المسير في أحد يومي هذين إلى الكوفة أريد اللحاق بابن عمي مسلم إن شاء اللّه تعالى».
وفزع ابن عباس فقال للامام :
__________________
(١) تأريخ الطبري ٦ / ٢١٩ ، البداية والنهاية ٨ / ١٦٣ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٤٣.