إنّ حديث الثقلين من أوثق الأحاديث النبويّة وأوفرها صحّة ، وقد ذكر المناوي عن السمهودي أنه قال : وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة (١) ، وكلّهم قد رووا هذا الحديث. وقال ابن حجر : ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بعض وعشرين صحابيّاً (٢).
ويدلّ هذا الحديث دلالة صريحة واضحة على حصر الإمامة في أهل البيت (عليهم السّلام) وعلى عصمتهم من الآثام والأهواء ؛ لأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قرنهم بكتاب الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ومن الطبيعي أنّ أيّ انحراف منهم عن الدين يعتبر افتراقاً عن الكتاب العزيز.
وقد صرّح (صلّى الله عليه وآله) بعدم افتراقهما حتّى يردا عليه الحوض ، فدلالته على العصمة ظاهرة جلية لا خفاء فيها ، كما أكّد النبي (صلّى الله عليه وآله) في هذا الحديث على اُمّته أن لا تتقدّم عليهم ، وأن تسلّم إليهم قيادتها ؛ لئلاّ تهلك في مجال هذه الحياة. والبحث عن معطيات هذا الحديث الشريف يستدعي وضع كتاب خاص فيه ، وقد عرض جماعة من العلماء بصورة موضوعية وشاملة للبحث عنه (٣).
٧ ـ روى أبو سعيد الخدري قال : سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله) يقول : «إنّما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ؛ مَن ركبها نجا ، ومَن تخلّف عنها غرق. وإنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل ؛ مَن دخله غُفر له» (٤).
__________________
(١) فيض القدير ٣ / ١٤.
(٢) الصواعق المحرقة / ١٣٦.
(٣) يراجع في ذلك المراجعات / ٤٩ ـ ٥٢ ، الاُصول العامة للفقه المقارن / ١٦٤ ـ ١٨٧.
(٤) مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨ ، ورواه الحاكم في مستدركه ٢ / ٤٣