أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذاب ؛ إمّا أن أضربه ، أو أحبسه ، أو أقتله فإنه فرّق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من أرض الإسلام.
والتاع الإمام أمير المؤمنين فراح يندّد بعثمان ويقول له : «يا عثمان ، سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر».
ولم يحفل أبو ذر بعثمان وإنما مضى في دعوته يواصل إنكاره ، فكان يقول له : تستعمل الصبيان ، وتحمي الحمى ، وتقرّب أولاد الطلقاء؟!
وأخذ يذيع بين المسلمين ما سمعه من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في ذمّ الاُمويِّين ومدى خطرهم على الإسلام ، فكان يقول : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «إذا كملت بنو اُميّة ثلاثين رجلاً اتّخذوا بلاد الله دولاً ، وعباد الله خولاً ، ودين الله دغلاً» (١).
وأصدر عثمان أوامره بمنع مجالسة أبي ذر ، وحرم مخالطته والكلام معه ؛ لأنه يأمر المعروف وينهى عن المنكر ، ولم يقره على سياسته النكراء.
واستمر أبو ذر في جهاده وإنكاره على السياسة الاُمويّة ، لم يثنِه عن عزمه جور الاُمويِّين واضطهادهم له ، وقد ضاق عثمان به ذرعاً ، فرأى أنّ خير وسيلة له أن ينفيه عن سائر الأمصار الإسلاميّة ، ويعتقله في بعض
__________________
(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٢٥٨.