كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) (١).
وقد اهتمّ النبي (صلّى الله عليه وآله) في شأن عمّار اهتماماً فكان موضع عنايته وتبجيله ، وقد سمع (صلّى الله عليه وآله) شخصاً ينال من عمّار ، فتأثّر واندفع يقول : «ما لهم ولعمّار! يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار. إنّ عمّاراً جلدة ما بين عيني وأنفي ، فإذا بلغ ذلك من الرجل فاجتنبوه» (٢).
ولمّا انتقل النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى جنة المأوى كان عمّار من ألمع أصحاب الإمام أمير المؤمنين ، فاختصّ به ولازمه ، وكان من المتخلّفين عن بيعة أبي بكر ، فإنه لم ير أحداً أحقّ بمكانة النبي سوى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام).
وبعدما فرض عمر عثمان خليفة على المسلمين كان عمّار من أشدّ الناقمين عليه ، وكان السبب في نقمته عليه ما يلي :
١ ـ إنّ عثمان لمّا استأثر بالسفط الذي في بيت المال ، وكان يضمّ الجواهر الثمينة التي لا تثمّن بقيمة ، أنكر عليه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وأيّده عمّار ، فقال له عثمان : أعليّ يابن المتكاء (٣) تجترئ؟ وأوعز إلى شرطته بأخذه ، فقبضوا عليه وأدخلوه إلى منزله فضربه ضرباً مبرحاً حتّى غشي عليه ، وحمل إلى منزل اُمّ المؤمنين السّيدة اُمّ سلمة ، ولم يفق من شدّة الضرب حتّى فاتته صلاة الظهرين والمغرب ، فلمّا أفاق قام فتوضّأ وصلّى العشاء ، وقال : الحمد لله ليس هذا أوّل يوم اُوذينا فيه في الله.
وغضبت عائشة فأخرجت شعراً من شعر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وثوباً من ثيابه ، ونعلاً من نعاله ، وقالت : ما أسرع ما تركتم سنّة نبيّكم ، وهذا
__________________
(١) سورة الأنعام / ١٢٢ ، نصّ على نزولها في عمّار السيوطي في تفسيره ١ / ٢٣٩ ، وابن كثير في تفسيره ٢ / ١٧٢.
(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ١١٤.
(٣) المتكاء : العظيمة البطن ، والتي لا تمسك بولها.