للإسلام ، فقد كان من أعدى الناس إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد أمر بقتله بعد فتح مكة ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة (١). إنه لو كان هناك أيّ منطق أو حساب لأقصى هذا الدعي وأمثاله من التدخّل في شؤون المسلمين ، فإنّ بني اُميّة وسائر القبائل القرشية يجب أن تكون في ذيل القافلة ولا يعنى بأمرها ؛ لأنها هي التي ناجزت النبي (صلّى الله عليه وآله) وحرّضت عليه القبائل وكادته ، وما دخلت في الإسلام إلاّ بعد الخوف من حدّ السيوف ، فكيف يُسمح لها أن تفرض رأيها ، ويؤول إليها أمر المسلمين؟
واحتدم الجدال بين الهاشميِّين والاُمويِّين ، فانبرى عمار بن ياسر وهو يدعو لصالح المسلمين قائلاً : أيها الناس ، إنّ الله أكرمنا بنبيّه ، وأعزّنا بدينه ، فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم؟!
لقد كان منطق عمار حافلاً بروح الإسلام وهديه ، فإنّ قريشاً وسائر العرب إنما أعزّها الله بدينه ، وأسعدها برسوله ، فهو مصدر عزّ العرب وشرفهم ، وكان الواجب عليهم أن يقابلوه بالمعروف والإحسان ، فلا يخرجون هذا الأمر عن أهله الذين هُم سدنة علمه ، وخزنة وحيّه ، إنه ليس من العدل في شيء أن يمنعوا جاهدين في قهرهم وإذلالهم.
وانبرى رجل من مخزوم فقطع على عمّار كلامه قائلاً له : لقد عدوت طورك يابن سميّة ، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها؟
ولم يدخل أيّ بصيص من نور الإسلام وهديه في قلب هذا المخزومي ، فقد راح يندّد بعمار فنسبه لاُمّه سمية وهي ممّن يعتزّ بها الإسلام ، ويفخر بنضالها المشرق ، وتضحيتها الفذّة ، فهي وزوجها ياسر وابنهما البار في
__________________
(١) الاستيعاب ٢ / ٣٧٥.